للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأكون كأسوة المنقطعين إليك، المنتظمين فى خيطك، وجعلت ذلك شعاره فى علتك، حتى يأتينى المرجوّ من سلامتك، وأخّرت الكتاب بالعيادة، وإرسال من يقوم مقامى فيها لديك، لأنى إذا استقصيت فى الكتاب وصف ما يداخلنى طال، فعققت به من قصدت برّه، والرسول فلا يحمل ما يتضمنه صدرى، فينثل (١) كنه ما عندى، ولا يلقاك بسحنة (٢) مرسله، التى تترجم عن نيته، فإنى لكذلك أميّل (٣) بين التقرير فى إتيانك قبل استئذانك، أو تقدمة استطلاع رأيك، إذ جاءنى البشير بإفراقك (٤) وإقبال العافية إليك، وظهور تباشيرها عليك، فانحسر (٥) كل هم، وزال كل غمّ، ورحب (٦) من الأرض ما كان متضايقا علىّ، واستقبلت أملا سرّتنى جدّته، وسرّى (٧) عنى ما كنت أجده، فالحمد لله الذى أشجى (٨) عدوّك، ولم يصدّق طمعه، وأزال غصّة وليّك، ولم يحقّق حذره، وأنا أسأل الله الذى وهب لنا إقالته (٩)، وساق إليك عافيته، أن يهب لك عمرا زائدا على أمنيّتك، متجاوزا حدّ إحسانك، موفيا (١٠) على مبلغ ظنك، ويصل العز لك فى أمده، بكريم المنقلب من بعده، ويجعل حسن بلائه عندك، كمدا فى صدر حاسدك، وجمالا فى عين مؤمّلك، وسرورا للمتصلين بك إن شاء الله». (الأوراق للصولى ١: ٢٣٤)

[٢٤٥ - كتاب له]

وكتب:

«من قصر فى الشغل عمره، قلّ فى العطلة (١١) صبره، وما من وجهة أؤمّل فيها


(١) من نثل الكنانة كضرب: إذا استخرج نبلها فنثرها. والمعنى فيبلغ ويؤدى وربما كان الأصل «فينقل».
(٢) السحنة: الهيئة.
(٣) ميل بين أمرين: تردد بينهما أيهما يأتى، وفى الأصل «أمثل وهو تصحيف.
(٤) أفرق من مرضه: برىء.
(٥) أى انكشف.
(٦) رحب: اتسع.
(٧) أى ذهب وانكشف.
(٨) أى أحزن.
(٩) أقال الله عثرته: إذا رفعه من سقوطه، والمعنى هنا: وهب لنا شفاءه من علته.
(١٠) أى زائدا.
(١١) تعطل الرجل: بقى لا عمل له، والاسم العطلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>