للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوك للخلافة، فأنت شامخ البصر طامح النظر، تظن أنك حين تملكها، لا تنقطع عنك مدّتها، إنها للقطة (١) الله، أسأل الله أن يلهمك فيها الشكر، مع أنى أرجو أن ترغب فيما رغب فيه أبوك وأخوك، فأكون لك مثلى لهما، وإن نفخ الشيطان فى منخريك (٢) فهو أمر أراده الله نزعه عنك، وإخراجه إلى من هو أكمل به منك، ولعمرى إنها النصيحة، فإن تقبلها فمثلها قبل، وإن تردّها علىّ اقتطعتها دونك، وأنا الحجاج». (العقد الفريد ٣: ١٦)

[٢٨٨ - كتاب الحجاج إلى سليمان]

وروى الجاحظ فى البيان والتبيين قال:

قدمت وفود العراق على سليمان بن عبد الملك بعد ما استخلف، فأمرهم بشتم الحجاج فقاموا يشتمونه، فقال بعضهم: «إنّ عدوّ الله الحجاج كان عبدا زبّابا (٣)، قنوّر


(١) اللقطة: اسم الشىء الذى تجده ملقى فتأخذه، يعنى أنها تصير إلى الله.
(٢) بفتح الميم والخاء وبكسرهما وضمهما وكمجلس.
(٣) بائع زبيب، قيل إنه كان يبيع الزبيب بالطائف، وذكروا أنه كان أول أمره يعلم الصبيان مع أبيه بالطائف- ويسمى كليبا- وفيه يقول الشاعر:
أينسى كليب زمان الهزال ... وتعليمه سورة الكوثر
رغيف له فلك دائر ... وآخر كالقمر الأزهر
يشير إلى خبز المعلمين، فإنه مختلف فى الصغر والكبر على قدر بيوت الصبيان، ويقول آخر:
فلولا بنو مروان كان ابن يوسف ... كما كان عبدا من عبيد إياد
زمان هو العبد المقر بذله ... يروح صبيان القرى ويغادى
«راحهم وروحهم: ذهب إليهم رواحا» ثم صار دباغا، كما يدل على ذلك هجاء كعب الأشقرى له.
وذلك أن المهلب بن أبى صفرة لما أطال قتال الأزارقة، كتب إليه الحجاج يستبطئه ويضعفه ويعجزه فقال المهلب لرسوله: قل له إن الشاهد يرى مالا يرى الغائب .. الخ (انظر ص ١٥١) وقام كعب الأشقرى، وكان من جند المهلب، فأنشد بحضرة رسول الحجاج أبياتا منها:
إن ابن يوسف غره من غزوكم ... خفض المقام بجانب الأمصار
لو شاهد الصفين حين تلاقيا ... ضاقت عليه رحيبة الأقطار
ورأى معاودة الدباغ غنيمة ... أيام كان مخالف الإقتار
فبلغت أبياته الحجاج، فكتب إلى المهلب يأمره بإشخاص كعب الأشقرى إليه، فأعلم المهلب كعبا بذلك-

<<  <  ج: ص:  >  >>