للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٩٠ - كتاب عمر إلى سعد]

وكتب عمر إلى سعد، ومن معه من الأجناد:

«أما بعد: فإنى آمرك، ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإنّ تقوى الله أفضل العدّة على العدو، وأقوى المكيدة فى الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشدّ احتراسا من المعاصى منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدّتنا كعدّتهم، فإن استوينا فى المعصية، كان لهم الفضل علينا فى القوّة، وإلّا ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوّتنا، فاعلموا أن عليكم فى سيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصى الله وأنتم فى سبيل الله، ولا تقولوا: إن عدونا شرّ منا، فلن يسلّط علينا، فربّ قوم سلّط عليهم شرّ منهم، كما سلّط على بنى إسرائيل- لمّا عملوا بمساخط الله- كفّار المجوس، فجاسوا خلال الدّيار، وكان وعدا مفعولا، واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم، أسأل الله تعالى ذلك لنا ولكم.

وترفّق بالمسلمين فى مسيرهم، ولا تجشّمهم مسيرا يتعبهم، ولا تقصّر بهم عن منزل يرفق بهم، حتى يبلغوا عدوّهم (والسّفر لم ينقص قوّتهم) فإنهم سائرون إلى عدو مقيم، حامى الأنفس والكراع (١)، وأقم بمن معك فى كل جمعة يوما وليلة، حتى تكون لهم راحة يحيون فيها أنفسهم، ويرمّون (٢) أسلحتهم وأمتعتهم، ونحّ منازلهم عن قرى أهل الصلح والذّمّة فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه، ولا يرزأ (٣) أحدا من أهلها شيئا، فإن لهم حرمة وذمّة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا


(١) الكراع من كل شئ: طرفه واسم يجمع الخيل.
(٢) رمه كضرب ونصر: أصلحه.
(٣) رزأه ماله: أصاب منه شيئا.

<<  <  ج: ص:  >  >>