للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك ابتغاء الزينة عند أهل الدنيا، لما عرفت من قبح وجهك عند أهل الآخرة، لتركك الصلوات، ومنعك الصّدقات، واستحلالك الحرمات. وكلما ازددت من ذلك إكثارا، كنت عند نفسك من المقصّرين، وعند أهل السماء من الممقوتين، وفى أهل الأرض من المعترضين، فالحمد لله الذى عافانى مما ابتلاك به، فإنك من الذين قال الله عز وجل فيهم فى كتابه: «وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ». (المنظوم والمنثور ١٣: ٤١٦)

[١٥٥ - كتاب آخر]

وكتب أيضا:

أما بعد، فإن الله حبّب إلى كل مسلم شعبة من دينه، فمنهم من حبّب إليه الصلاة، فهو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه (١)، ومنهم من حبّب إليه الزكاة، فهو ينفق ماله بالليل والنهار سرّا وعلانية، ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم (٢)، ومنهم من حبّب إليه الجهاد، فهو بين المسلمين وبين عدوهم، يذبّ عن حريمهم، ويقاتل من دونهم، وفاء بعهد الله، وتسليما لبيعة الله. فأمّا الراسخون فى العلم ممن قد عرف سيرتك، وما أبدى لهم الله من سريرتك، فقد اقتصروا على


(١) الآية الكريمة: «أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ .... » والقنوت: الدعاء، والقيام فى الصلاة والطاعة.
(٢) اقتبسه من قوله تعالى: «الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ». وقوله: «وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ، وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ».

<<  <  ج: ص:  >  >>