للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرّقة والفطنة، وغلظ حتى كاد يفهمه أهل الجهل والبله، فلا أعدمنى الله رضاك مجازيا به على ما استحقّه عتبك، فأنت ظالم فيه، وعتابك ولىّ المخرج منه».

(العقد الفريد: ٢: ١٩٤)

[١٣٠ - الرسالة العذراء لإبراهيم بن المدبر]

وهى رسالة فى موازين البلاغة وأدوات الكتابة، كتب بها أبو اليسر إبراهيم ابن محمد بن المدبّر:

«بسم الله الرحمن الرحيم: فتق الله بالحكمة ذهنك، وشرح بها صدرك، وأنطق بالحق لسانك، وشرّف به بيانك، وصل إلىّ كتابك العجيب الذى استفهمتنى فيه- بجوامع كلمك- جوامع أسباب البلاغة، واستكشفتنى عن غوامض آداب أدوات الكتابة: سألتنى أن أقف بك على وزن عذوبة اللفظ وحلاوته، وحدود فحامة المعنى وجزالته، ورشاقة نظم الكتاب، ومشاكلة سرده، وحسن افتتاحه وختمه، وانتهاء فصوله، واعتدال وصوله، وسلامتهما من الزّلل، وبعدهما من الخطل (١)، ومتى يكون الكاتب مستحقّا اسم الكتابة، والبليغ مسلّما له معانى البلاغة، فى إشارته واستعارته، وإلى أىّ أدواته هو أحوج، وبأىّ آلاته هو أعمل، إذا حصحص (٢) الحقّ، ودعى إلى السّبق، وفهمته.

وأنا راسم لك- أيّدك الله- من ذلك ما يجمع أكثر شرائطك، ويعبّر عن جملة سؤالك، وإن طوّلت فى الكتاب وعرّضت، وأطنبت فى الوصف وأسهبت، ومستقص على نفسى فى الجواب، على قدر استقصائك فى السؤال، وإن أخلّ به التياث (٣) الحال، وسكون الحركة، وفتور النشاط، وانتشار الرويّة، وتقسّم الفكر، واشتراك القلب، والله المستعان.


(١) الخطل: الخطأ.
(٢) حصحص: وضح واستبان.
(٣) الالتياث: الاختلاط والالتفاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>