للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ، فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ، وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

فطوى الله لأمير المؤمنين نازح (١) البعد برّا وبحرا، ووقاه وصب السّفر سهلا ووعرا، وحاطه بحراسته كالئا (٢)، ودافع عنه بحفظه راعيا، حتى يؤدّيه إلى المحلّ من داره، والوطن من قراره، وجزاه عن الإسلام خاصّة. وعن رعيّته كافّة، بتخيّره مستخلفا عليهم، وقائما مقامه فيهم: هرون (٣) ابن أمير المؤمنين، فقد استخلفه رفيقا شفيقا، حليما وقورا، يقظان ساكنا، لم يشذّب (٤) عليه أمر، ولم ينتشر عليه طرف، ولم يضع معه سبيل، ولم يسخط وليّا مكانفا، ولا عدوا مخالفا، بلا سيف أشرعه، ولا سور أقرع به (٥)، فمثّل جزاء أمير المؤمنين فى تخيّره إياه، فجزاه الله على ما حفظ من وصاته على محمود مقامه، إنه مجيب الداعى».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٢٩٨)

[٦ - كتابه إلى إسحق بن إبراهيم الموصلى]

وأهدى إبراهيم بن المهدىّ، إلى إسحق بن إبراهيم الموصلىّ (٦)، جراب ملح، وجراب أشنان (٧)، وكتب إليه:

«لولا أن القلّة قصّرت عن بلوغ الهمّة، لأتعبت السابقين إلى برّك، ولكن البضاعة قعدت بالهمة، وكرهت أن تطوى صحيفة البرّ، وليس لى فيها ذكر، فبعثت


(١) النازح: البعيد.
(٢) كالئا: أى حارسا حافظا.
(٣) هرون: هو الملقب بالواثق بالله، وقد ولى الخلافة بعد أبيه سنة ٢٢٧ وتوفى سنة ٢٣٢ هـ
(٤) التشذيب: التفريق، والطرف بالتحريك: الناحية.
(٥) أشرع نحوه الرمح والسيف وشرعهما كمنع: أقبلهما إياه وسددهما له، وأقرع الدابة بلجامها وقرعها كمنع: كفها به وكبحها.
(٦) هو إسحق بن إبرهيم الموصلى، المغنى المشهور، المتوفى سنة ٢٣٥، وقد أورد صاحب الأغانى، كثيرا جدا من أخباره فارجع إليها فيه.
(٧) الأشنان بالضم والكسر: نبات حمض (والحمض من النبات- كشمس- كل نبت مالح أو حامض يقوم على سوق ولا أصل له) تغسل به الأيدى على أثر الطعام، معرب، وعربيه حرض كعنق نظار لسان العرب مادة أشن وحرض، وشفاء الغليل ص ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>