للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشبابك وصحّتك، وإن استطعت أن تكثر تحريك لسانك بذكر الله تحميدا وتسبيحا وتهليلا فافعل، فإن أحسن ما وصلت به حديثا حسنا حمد الله وشكره، وإن أحسن ما قطعت به حديثا سيئا حمد الله وذكره، فلا تفتتن بما أنعم الله به عليك فما عسيت أن تقرّظ به أباك بما ليس فيه، وإن أباك كان بين ظهرى (١) إخوته، يفضّل عليه الكبير، ويدنى دونه الصغير، وإن كان الله- وله الحمد- رزقنى من والدى حبا جميلا كنت به راضيا، أرى ببرّه أفضل ولده عليه حقا، حتى ولدت وولدت طائفة من إخوتك، ولا أخرج بكم من المنزل الذى أنا فيه (٢)».

(سيرة عمر لابن الجوزى ص ٢٥٩)

[٤١٤ - كتابه إلى ولى عهده يزيد بن عبد الملك]

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى ولىّ العهد من بعده:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى يزيد بن عبد الملك، السلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد، فإنى كتبت إليك وأنا دنف (٣) من وجعى، وقد علمت أنى مسئول عما وليت، يحاسبنى عليه مليك الدنيا والآخرة، ولست أستطيع أن أخفى عليه من عملى شيئا، يقول تعالى فيما يقول:

«فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ» فإن يرض عنى الرحيم، فقد أفلحت ونجوت من الهوان الطويل، وإن سخط علىّ فيا ويح نفسى! إلام أصير؟ أسأل الله الذى لا إله إلا هو أن يجيرنى من النار برحمته، وأن يمنّ علىّ برضوانه والجنة، وعليك بتقوى الله، والرعية الرعية، فإنك لن تبقى بعدى إلا قليلا حتى تلحق باللطيف الخبير والسلام». (سيرة عمر لابن الجوزى ص ٢٧٧)


(١) يقال هو بين ظهريهم وظهرانيهم وأظهرهم: أى وسطهم.
(٢) ورد بعد ما تقدم من هذا الكتاب:
«فمن كان راغبا فى الجنة وهاربا من النار فالآن والتوبة مقبولة، والذنب مغفور، قبل نفاذ الأجل وانقضاء العمل ... الخ» وقد تقدم ذلك، انظر كتابه إلى بعض الأجناد ص ٣٠٩.
(٣) الدنف بالتحريك: المرض الملازم، ودنف المريض كفرح: ثقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>