للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٠٥ - كتاب أحمد بن يوسف إلى عبد الله بن طاهر]

وكتب أحمد بن يوسف إلى عبد الله بن طاهر عند خروج عبيد الله ابن السّرىّ إليه يهنئه بذلك الفتح:

«بلغنى- أعزّ الله الأمير- ما فتح الله عليك، وخروج ابن السّريّ إليك، فالحمد لله الناصر لدينه، المعزّ لدولة خليفته على عباده، المذلّ لمن عند (١) عنه وعن حقّه، ورغب عن طاعته، ونسأل الله أن يظاهر له النّعم، ويفتح له بلدان الشّرك، والحمد لله على ما وليك به مذ ظعنت (٢) لوجهك، فإنّا ومن قبلنا نتذاكر سيرتك فى حربك وسلمك، ونكثر التعجّب لما وفّقت له من الشدة واللّيان فى مواضعهما، ولا نعلم سائس جند ورعية عدل بينهم عدلك، ولا عفا بعد القدرة عمن آسفه (٣) وأضغنه عفوك، ولقلّما رأينا ابن شرف لم يلق بيده متّكلا على ما قدّمت له أبوّته، ومن أوتى حظّا وكفاية وسلطانا وولاية، لم يخلد إلى ما عفا (٤) له حتى يخلّ بمساماة ما أمامه، ثم لا نعلم سائسا استحقّ النّجح لحسن السيرة، وكفّ معرّة الأتباع، استحاقك، وما يستجيز أحد ممن قبلنا أن يقدّم عليك أحدا يهوى عند الحاقّة (٥)، والنازلة المعضلة، فليهنيك (٦) منّة الله ومزيده، ويسوّغك الله هذه النعمة التى حواها لك، بالمحافظة على ما به نمّت لك، من التمسّك بحبل إمامك ومولاك ومولى جميع المسلمين، وملّاك (٧) وإيانا العيش ببقائه، وأنت تعلم أنّك لم تزل عندنا وعند من


(١) عند عن الطريق كنصر وسمع وكرم عنودا: مال.
(٢) ظعن كمنع: سار.
(٣) آسفه: أغضبه.
(٤) عفا الشىء: إذا كثر وزاد.
(٥) الحاقة: النازلة.
(٦) فى الأصل «فليهنك» وجاء فى لسان العرب والمصباح «تقول العرب فى الدعاء: ليهنئك الولد، وليهنئك الفارس، بجزم الهمزة، وبإبدالها ياء ساكنة، ولا يجوز ليهنك بحذف الياء كما تقول العامة».
أقول: والوجه فى إبقاء الياء مرعاة أصلها وهو الهمزة، وأن ذلك الإبدال عارض للتخفيف لا يعتد به وإلا فالحق حذف الياء لموجب الجزم.
(٧) ملاك الله حبيبك تملية: متعك به وأعاشك معه طويلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>