للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا ترون إلى أطرافكم قد انتقصت، وإلى أمصاركم قد افتتحت، وإلى ممالككم تزوى (١) وإلى بلادكم تغزى؟ انفروا رحمكم الله إلى قتال عدوكم، ولا تثّاقلوا إلى الأرض، فتقروا (٢) بالخسف، وتبوءوا بالذل، ويكون نصيبكم الأخسّ، وإنّ أخا الحرب الأرق، ومن نام لم ينم عنه، والسلام».

(نهج البلاغة ٢: ٨٦)

[٥٠٦ - كتاب على إلى محمد بن أبى بكر]

ولما بلغ محمد بن أبى بكر أن عليّا قد بعث الأشتر شقّ عليه، فكتب علىّ إليه حين بلغه موجدته لقدوم الأشتر عليه:

«بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلى محمد بن أبى بكر.

سلام عليك، أما بعد: فقد بلغنى موجدتك (٣) من تسريحى الأشتر إلى عملك، وإنى لم أفعل ذلك استبطاء لك فى الجهاد، ولا استزادة لك منى فى الجدّ، ولو نزعت ما تحت يدك من سلطانك، لولّيتك ما هو أيسر عليك مئونة، وأعجب إليك منه ولاية.

ألّا إن الرجل الذى كنت ولّيته أمر مصر، كان لنا رجلا مناصحا، وعلى عدونا شديدا ناقما، فرحمه الله، فلقد استكمل أيّامه، ولا قى حمامه (٤) ونحن عنه راضون، أولاه الله رضوانه، وضاعف له الثواب، وأحسن له المآب، فأصحر (٥) لعدوك، وامض على بصيرتك، وشمّر لحرب من حاربك، وادع إلى سبيل ربك بالحكمة


(١) أى تقبض.
(٢) يصح أن يكون «فتقروا» بفتح التاء والقاف أى تقيموا، وأن يكون بضم التاء وكسر القاف أى تعترفوا، والخسف: الذل، والأرق: الساهر هذا وقد أورد الشريف الرضى فى نهج البلاغة (ج ٢: ص ٥٩ - ٨٠) عهدا مطولا كتبه على عليه السلام للأشتر النخمى لما ولاه على مصر وأعمالها، وقد كتبت كلمة عن هذا العهد فى كتابى «ترجمة على بن أبى طالب» ص ١٢٨ فارجع إليه.
(٣) أى من غضبك، والتسريح: الإرسال.
(٤) الحمام: الموت.
(٥) أى كن من أمره على أمر واضح منكشف، من أصحر الرجل: إذا خرج إلى الصحراء، وفى رواية الطبرى «اصبر لعدوك».

<<  <  ج: ص:  >  >>