للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك فى طاعة الشوق حجّة، فتبيّنت (١) السبيل بين ذلك إلى إعطائك طرف حبل الإخاء، فى غير الخروج من سبيل التخيّر، وكرهت أن تستعبدنى بالإخاء، قبل أن أعرفك بحسن الملكة، وأن تستظهر بى (٢) على الأعداء، قبل أن أعرفك بعدل السّيرة، وأن تستضىء بى فى ظلم الجهل، قبل أن أعرفك بعقد اللّبّ، وأن تستمكن بى فى المطالب، قبل أن أعرفك بقصد الهمّة، فقدّمت إليك الترحيب والعدة، وأحسنت عنك المفاوضة والثّقة، وتنظّرت أن تثمر لى فأذوق جناك (٣)، فأعرفك بالمذاقة فى الطّعم، إما لا فظا، وإما مستبلعا (٤)، فإن كان اللّفظ لم أكن من الرأى فى قلبه، وإن كان الاستبلاع ذوّقتك ما تشوقت إليه مما ادّعيت منى به الخبرة، وأوّل ما أنا معتبر به منك المواظبة على استنجاح ما سألت أو السآمة له، فإن كانت المواظبة فأحد الشهود المعدّلين (٥)، وإن كانت السآمة، فأنت عن حمل ما تعطى أضعف منك عن حمل ما تطلب، طالعنى بكتبك، فإنك قد حللت قبلى عقدا من التحفظ، وعقدت عقدا من التقرب، والسلام».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٤٠٢)

[٤٨ - كتاب أبى نصر الرقاشى إلى يحيى بن زياد]

وكتب أبو نصر (٦) الرّقاشى إلى يحيى بن زياد فى الإخاء:

«أما بعد، أصلحك الله، وأمتع بك، فى ستر منه وكرامة دائمة، فإن خير ما استفاد المرء لنفسه، واستعان به على مروءته، واعتقد (٧) لدنياه وآخرته، وإن كان الله قد أكمل عقله، وأحسن إليه فى جميع أموره، الأدب الصالح الذى به يكشف


(١) فى الأصل «فتغيبت» وهو تحريف.
(٢) أى تستعين.
(٣) الجنى: ما يجنى.
(٤) فى الأصل «مستبلغا» وهو تصحيف.
(٥) أى المزكين، من عدله إذا زكاه.
(٦) هو يونس بن أبى ذروة، كتب لعيسى بن موسى- انظر الفهرست ص ١٨١ -
(٧) أى امتلك. اعتقد مالا: اقتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>