للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم جاءه ابن عباس برسالة من عثمان وهو محصور، يسأله فيها الخروج إلى ماله بينبع، ليقلّ هتف الناس باسمه للخلافة- بعد أن كان سأله مثل ذلك من قبل، كما رأيت- فقال:

«يا بن عباس، ما يريد عثمان إلا أن يجعلنى جملا ناضحا بالغرب (١) أقبل وأدبر، بعث إلىّ أن أخرج، ثم بعث إلىّ أن أقدم، ثم هو الآن يبعث إلىّ أن أخرج، والله لقد دفعت عنه، حتى خشيت أن أكون آثما».

(نهج البلاغة ١: ٢٩٥)

[٣١٥ - كتاب عثمان إلى معاوية وأهل الشام والبصرة]

وروى الطبرى قال:

فلما رأى عثمان ما قد نزل به وما قد انبعث عليه من الناس، كتب إلى معاوية ابن أبى سفيان وهو بالشأم:

«بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فإن أهل المدينة قد كفروا وأخلفوا الطاعة، ونكثوا البيعة، فابعث إلىّ من قبلك من مقاتلة أهل الشأم على كل صعب وذلول».

فلما جاء معاوية الكتاب تربّص به، وكره إظهار مخالفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد علم اجتماعهم. فلما أبطأ أمره على عثمان كتب إلى يزيد بن أسد ابن كرز وإلى أهل الشأم «يستنفرهم ويعظّم حقّه عليهم، ويذكر الخلفاء وما أمر الله عزّ وجل به من طاعتهم ومناصحتهم، ووعدهم أن يتخذهم جندا أو بطانة دون الناس، وذكّرهم بلاءه عندهم وصنيعه إليهم، فإن كان عندكم غياث فالعجل العجل، فإن القوم معاجلىّ».

فلما قرئ كتابه عليهم قام يزيد فعظّم حق عثمان، وحضّهم على نصره، وأمرهم بالمسير إليه، فتابعه ناس كثير، حتى إذا كانوا بوادى القرى بلغهم قتل عثمان فرجعوا


(١) نضح الجمل الماء: حمله ليسقى به الزرع، والغرب: الدلو العظيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>