كنا عنده يوما فأطلنا العقود حتى كاد يموت جوعا، ثم قال: ويحك يا غلام غدّنا، فأتاه بصحفة فيها مرق تحته ديك هرم لا تحز فيه السكين ولا يؤثر فيه الضرس، فتأمله ثم قال: أين الرأس يا غلام؟ قال: رميت به، قال: ولم؟ قال: لم أظنك تأكله ولا تسأل عنه، قال: ولم ظننت ذلك؟ إنى والله لأمقت من يرمى برجله، فكيف من يرمى برأسه! ولو لم يكن فيما فعلت إلا الطيرة والفأل لكرهته، أما علمت أن الرأس رئيس الأعضاء، وفيه الحواس الخمس، ومنه يصيح الديك، ولولا صوته ما أريد، وفيه عرفه الذى يتبرك به وعينه التى يضرب بها المثل فى الصفاء، فيقال: شراب كعين الديك، ودماغه عجيب لوجع الكايتين، ولم يرقط عظم أهش تحت الأسنان منه. وهب أنك ظننت أنى لا آكله، أو ليس العيال كانوا يأكلونه؟ فإن كان قد بلغ من جهلك أن لا تأكله فعندنا من يأكله، أما علمت أنه خير من طرف الجناح، ومن رأس العنق؟ انظر إلى أين هو؟ فقال والله ما أدرى أين هو، ولا أين رميت به، فقال: لكنى والله أدرى، إنك رميته فى بطنك قاتلك الله، - انظر أخباره فى سرح العيون ص ١٦٥ والفهرست لابن النديم ص ١٧٤ وص ١٨٢ والعقد الفريد ٣: ٢٦٥ وزهر الآداب ٢: ٢٠١ وحياة الحيوان للدميرى ١: ٥١٣. (٢) وفى العقد الفريد «ومن أعيب العيب».