للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد كان من أمرنا ما قد بلغك (١)، وكنا نحن وعدوّنا على حالين مختلفين- يسرّنا منهم أكثر مما يسوءنا، ويسوءهم منا أكثر مما يسرهم، على اشتداد شوكتهم واجتماع كلمتهم، وانزعاج القلوب لمخافتهم، فقد كان علن (٢) أمرهم، حتى ارتاعت له الفتاة، ونوّم بذكرهم الرّضيع، وصمّ لخوفهم السّميع، فانتهزت منهم الفرصة فى وقت إمكانها، وأدنيت السّواد (٣) من السواد حتى تعارفت الوجوه، فلم نزل كذلك حتى بلغ الكتاب (٤) أجله «فقطع دابر القوم الّذين ظلموا والحمد لله ربّ العالمين».

(الكامل للمبرد ٢: ٢٣٢ وشرح ابن أبى الحديد م ١: ص ٤٠٧ وسرح العيون ص ١٣٥ وأدب الكتاب ص ٢٣٥)

[١٩٢ - رد الحجاج على المهلب]

فكتب إليه الحجاج:

«أما بعد فإن الله عز وجل قد فعل بالمسلمين خيرا، وأراحهم من حدّ الجهاد، وكنت أعلم بما قبلك، والحمد لله رب العالمين، فإذا ورد عليك كتابى هذا، فاقسم فى المجاهدين فيئهم، ونفّل (٥) النّاس على قدر بلائهم، وفضّل من رأيت تفضيله، وإن كانت بقيت من القوم بقيّة فخلّف خيلا تقوم بإزائهم، واستعمل على كرمان (٦) من رأيت، وولّ الخيل شهما من ولدك، ولا ترخّص لأحد فى اللّحاق بمنزله- دون أن تقدم بهم علىّ، وعجّل القدوم إن شاء الله».


(١) وفيه: «فقد كان من أمرنا ما أغنت جملته عن تفصيله، وكنا نحن وعدونا فى مدة هذا التنازع على حالتين ... ».
(٢) علن الأمر كنصر وضرب وكرم وفرح علنا بالتحريك وعلانية واعتلن: ظهر.
(٣) السواد: العدد الكثير، ومن الناس عامتهم.
(٤) وفى أدب الكتاب: «فانتهزت منهم الفرصة عند إمكانها، بعد أن تنظرت وقت إبانها، واستدعى النهل علله، وبلغ الكتاب أجله، فقطع ... ».
(٥) النفل بالتحريك: الغنبمة، ونفله النفل ونفله بالتشديد وأنفله: أعطاه إياه.
(٦) إقليم بين فارس وسجستان.

<<  <  ج: ص:  >  >>