للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يلتمس به النور أمامه، ولا يبلغ له منتهى غايته فى دجى ظلمة الليل وأهواله، وذلك غير قياس من رسخت فى القلوب مودته، واستكنّت فى سريرتها مقته (١)، وساعدتها منه محبّته وثقته، وتمسكت بها حبائله، وانطوت عليها ضمائره، وإن الدليل من ذلك على رأيى فيك، لاحتفاظى بكتابك إلىّ منذ سنة قد مضت له، وهو عندى غير مضيّع، ولا مغفل لدىّ، وقد أتلفت ما يناهز المائة الألف من مالى فى معاريض نوائبى وحاجاتى، وأنا متمسك بكتابك، متلوّم (٢) بحوائجك، وتأدية الواجب من حقك، جعل الله الخلّة (٣) منا ومنك فيما يديم به المسرّة، ويوالى به النعمة، وتكون عاقبته إلى السعادة فى دار الخلود والمقامة من فضله والسلام». (المنظوم والمنثور ١٣: ٣٩٩)

[١٣٧ - كتاب محمد بن على إلى محمد بن يحيى بن خالد]

وكتب محمد بن على إلى محمد بن يحيى بن خالد، وكان واليا على أرمينية للرشيد:

«إن قوما صاروا إلى سبيل النّصح، فذكروا ضياعا بأرمينية قد عفت ودرست (٤) يرجع منها إلى السلطان مال عظيم، وإنى وقفت عن المطالبة حتّى أعرف رأيك».

[١٣٨ - رد محمد بن يحيى عليه]

فكتب إليه:

«قرأت هذه الرّقعة المذمومة وفهمتها، وسوق السّعاية بحمد الله فى أيامنا كاسدة، وألسنة السّعاة فى أيامنا كليلة خاسئة، فإذا قرأت كتابى هذا فاحمل الناس على قانونك، وخذهم بما فى ديوانك، فإنا لم نولّك الناحية لتتّبع الرسوم العافية، ولا لإحياء الأعلام الدّاثرة، وجنّبنى وتجنّب بيت جرير يحاطب الفرزدق:

وكنت إذا حللت بدار قوم ... رحلت بخزية وتركت عارا


(١) المقة: المحبة.
(٢) تلوم فى الأمر: تمكث وانتظر.
(٣) الخلة: الصداقة.
(٤) عفا الرسم ودرس ودثر: بمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>