للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحبّ من جهتين: إحداهما حلاوة الولاية، والأخرى لذّة الراحة منا، فإن يكن ذلك كما رجّيناه، قاطعناك مجملين، أو لبسناك (١) على يقين، وإن لم يكن إدلالا بهدية أعددتها لنا من ناحية عملك، فليس قدر الهدايا وإن كثرت، ولا الفوائد وإن جلّت، احتمال لوم الإخوان إذا كانت الهدايا تراد لهم، والفوائد إنما تنال بهم، والمباهاة بأعراض الدنيا تراد لخلطتهم (٢)، وما أدرى ما أقول فى اختيارك ترك الكتب المحدّثة عن العتب بالأسرار المفهومة، حتى كأنها محادثة الحضور، على تنائى الدّور، والقلوب بها مشاهدة، وإن كانت الأبدان متباعدة، ولئن كذب فيك الرجاء، لقديما عزّ الوفاء، وقد أصبتك من مرارة العتاب بما لا تقيم بعده على قطيعة ولا جفاء، ولا تتوهّمنّ أنى أدرت إعناتك (٣) بإعتابى، ولا أزرى (٤) عليك بكتابى، فإن وصلت فمشكور، وإن قطعت فمعذور، والسلام».

(كتاب الأوراق للصولى ١: ١٥٢)

[١٢٤ - بين يوسف بن القاسم ومحمد بن زياد]

واقتضى محمد بن زياد الحارثى يوسف بن القاسم حوائج له، سأله عرضه لها على الرشيد، فقال له: إنى أنتظر بها وقتا أرجو لك فيه رجوعها بمسرّتك دون مساءتك، ثم كتب محمد بن زياد إليه فى ذلك، وكان صديقا له مدلّا عليه، فكان فى كتابه:

«ولولا أنك وسمت حاجتى بالتأخير، لجرت مجرى غيرها، إمّا بنجاح، وإما بسراح».

***


(١) يقال: لبست قوما: أى تمليت بهم دهرا.
(٢) الخلطة بالكسر: العشرة.
(٣) أعنته: أدخل المشقة عليه، وأعتبه: طلب إليه العتبى (بالضم) أى الرضا.
(٤) زرى عليه كرمى: عابه وعاتبه كأزرى لكنه قليل، وفى الأصل «ولا أرزأ» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>