إلى الله وإلى أمير المؤمنين، فتولّى من ذلك ما ولّاه الله، وعرف من حقنا ما جهلت، وحفظ منا ما ضيّعت، وسيحكم فى ذلك ربّ هو أرضى للمرضى، وأسخط للمسخط، وأقدر على الغير فى يوم لا يشوب الحقّ عنده الباطل، ولا النور الظلمة، ولا الهدى الضلالة، والله لو أن اليهود أو النصارى رأت من خدم موسى بن عمران أو عيسى ابن مريم يوما واحدا، لرأت له ما لم تروا لى فى خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين.
قال: اعتذر إليه الحجاج وترضّاه حتى قبل عذره، ورضى عنه، وكتب برضاه وقبوله عذره، ولم يزل الحجاج له معظّما هائبا له، حتى هلك رضى الله عنه.
[٢٥٩ - رد الحجاج على عبد الملك]
وكتب الحجاج إلى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان:
«بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عبد الملك بن مروان:
«أما بعد: أصلح الله أمير المؤمنين وأبقاه، وسهّل حظّه وحاطه (١) ولا أعدمناه، فإن إسمعيل بن أبى المهاجر رسول أمير المؤمنين- أعزّ الله نصره- قدم علىّ بكتاب أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- وجعلنى من كل مكروه فداءه- يذكر شتمى وتوبيخى بآبائى، وتعييرى بما كان قبل نزول النعمة بى من عند أمير المؤمنين- أتمّ الله نعمته عليه، وإحسانه إليه- ويذكر أمير المؤمنين- جعلنى الله فداءه- استطالة منى على أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، جرأة على أمير المؤمنين، وغرّة بمعرفة غيره ونقماته وسطواته على من خالف سبيله، وعمد إلى غير محجّته، ونزل عند سخطته، وأمير المؤمنين- أصلحه الله- فى قرابته من محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إمام الهدى وخاتم الأنبياء، أحقّ من أقال عثرتى، وعفا