(٢) البارح من الطير والوحش: ما مر من ميمنك إلى مياسرك، والعرب تتطير به لأنه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف، والسانح ما مر من مياسرك إلى ميامنك، والعرب تتيمن به لأنه أمكن للرمى والصيد. (٣) أسرّه كضرب أسرا وإسارا، والإسار أيضا: القيد الذى يشد به وجمعه أسر ككتب. (٤) وقد حضر عبد الحميد مع مروان جميع وقائعه عند آخر أمره، ولما اشتد عليه الطلب وتتابعت هزائمه، وأيقن بزوال ملكه، قال لعبد الحميد: قد احتجت أن تصير مع عدوى، وتظهر الغدر بى، فإن إعجابهم بأدبك، وحاجتهم إلى كتابتك، تدعوهم إلى حسن الظن بك، فإن استطعت أن تنفعنى فى حياتى، وإلا لم تعجز عن حفظ حرمى بعد وفاتى، فقال له عبد الحميد: إن الذى أشرت به على أنفع الأمرين لك، وأقبحهما بى، وما عندى إلا الصبر، حتى يفتح الله عليك، أو أقتل معك، وأنشد: أسر وفاء ثم أظهر غدرة؟ ... فمن لى بعذر يوسع الناس ظاهره؟ فلما قتل مروان استخفى عبد الحميد بالجزيرة، فغمر عليه، فطلب، وكان صديقا لعبد الله بن المقفع، قفا جأهما الطلب وهما فى بيت، فقال الذين دخلوا عليهما: أيكما عبد الحميد؟ فقال كل واحد منهما: أنا، خوفا من أن ينال صاحبه مكروه، وخاف عبد الحميد أن يسرعوا إلى ابن المقفع، فقال: ترفقوا بنا؛ فإن كلامنا له علامات، فوكلوا بنا بعضكم، ويمضى بعض آخر ويذكر تلك العلامات لمن وجهكم ففعلوا، وأخذ عبد الحميد، فسلمه السفاح إلى عبد الجبار بن عبد الرحمن صاحب شرطته، فكان يحمى له طستا ويضعه على رأسه إلى أن مات سنة ١٣٢ هـ- انظر ترجمته فى سرح العيون ص ١٦٢ ووفيات الأعيان ١: ٣٠٧ ومروج الذهب ٢: ٢٠٧؛ والفهرست لابن النديم ص ١٧٠، وغرر الخصائص الواضحة ص ٣١ وكتاب الوزراء والكتاب للجهشيارى ص ٧٨.