للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أعوانا، ولدينه أنصارا، ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها إنّ الله لا يحبّ المفسدين».

(شرح ابن أبى الحديد م ١: ص ٢٨٥)

[٤٣٥ - كتاب على إلى معاوية ومن قبله من قريش]

وسار على عليه السلام حتى نزل الرّقّة (١)، فقالت له طائفة من أصحابه:

يا أمير المؤمنين، اكتب إلى معاوية ومن قبله من قومك، فإن الحجّة لا تزداد عليهم بذلك إلا عظما، فكتب إليهم:

«من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلى معاوية ومن قبله من قريش:

سلام عليكم فإنى أحمد إليكم الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد: فإن لله عبادا آمنوا بالتنزيل، وعرفوا التأويل، وفقهوا فى الدين، وبيّن الله فضلهم فى القرآن الحكيم، وأنتم فى ذلك الزمان أعداء للرسول تكذّبون بالكتاب، مجمعون على حرب المسلمين، من ثقفتم (٢) منهم حبستموه أو عذّبتموه أو قتلتموه، حتى أراد الله تعالى إعزاز دينه، وإظهار أمره، فدخلت العرب فى الدين أفواجا، وأسلمت له هذه الأمة طوعا وكرها، فكنتم فيمن دخل فى هذا الدين إمّا رغبة وإمّا رهبة، على حين فاز أهل السّبق بسبقهم، وفاز المهاجرون الأولون بفضلهم، ولا ينبغى لمن ليست له مثل سوابقهم فى الدين، ولا فضائلهم فى الإسلام، أن ينازعهم الأمر الذى هم أهله وأولى به فيحوب (٣) ويظلم، ولا ينبغى لمن كان له عقل أن يجهل قدره، ويعدو طوره، ويشقى نفسه بالتماس ما ليس بأهله، فإن أولى الناس بأمر هذه الأمة قديما وحديثا أقربها من الرسول، وأعلمها بالكتاب، وأفقهها فى الدين؛ أولهم إسلاما، وأفضلهم جهادا، وأشدهم بما تحمله الأئمة من أمر الأمة اضطلاعا (٤)، فاتقوا الله الذى إليه ترجعون


(١) بلد على الفرات مقابل صفين.
(٢) ثقفه كسمعه: صادفه أو ظفر به وأدركه.
(٣) حاب يحوب: أثم.
(٤) اضطلع بالأمر: قوى عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>