للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٣٢ - كتاب معاوية إلى سعيد بن العاص]

وكتب إلى سعيد بن العاص:

«أما بعد: فإن كتاب مروان ورد علىّ من ساعة وقعت النازلة، تقبل به البرد (١) بسير المطىّ الوجيف، تتوجّس (٢) توجّس الحيّة الذّكر خوف ضربة الفأس، وقبضة الحاوى، ومروان الرائد (٣) لا يكذب أهله، فعلام الإفكاك (٤) يا بن العاص ولات حين مناص؟ ذلك أنكم يا بنى أمية عمّا قليل تسألون أدنى العيش من أبعد المسافة، فينكر كم من كان منكم عارفا، ويصدّ عنكم من كان لكم واصلا، متفرّقين فى الشّعاب (٥)، تتمنّون لماظة (٦) المعاش.

إن أمير المؤمنين عتب عليه فيكم، وقتل فى سبيلكم، ففيم القعود عن نصرته، والطلب بدمه! وأنتم بنو أبيه وذوو رحمه، وأقربوه وطلّاب ثأره، أصبحتم مستمسكين بشظف (٧) معاش زهيد، عمّا قليل ينزع منكم عند التخاذل، وضعف القوى، فإذا قرأت كتابى هذا فدبّ دبيب البرء فى الجسد النّحيف، وسر سير النجوم تحت الغمام، واحشد حشد (٨) الذرّة فى الصيف لانجحارها فى الصّرد، فقد أيّدتكم بأسد وتيم.

وكتب فى الكتاب:


(١) البرد جمع بريد، ووجف الفرس والبعير وجيفا: عدا.
(٢) توجس: تسمع إلى الصوت الخفى، ورجل حاو وحواء: يجمع الحيات.
(٣) الرائد: أصله المرسل فى طلب الكلأ.
(٤) أى التراخى، من أفكت الناقة إذا أقربت فاسترحى صلواها (والصلا: وسط الظهر أو ما على يمين الذنب وشماله) والمناص: الفرار.
(٥) الشعب بالكسر: الطريق فى الجبل. وميل الماء فى بطن أرض.
(٦) اللماظة: ما يبقى فى الفم من الطعام، ويستعار لبقية الشئ القليل، وفى الأصل «لمظة» وهو تحريف- واللمظة بالضم: بياض فى جحفلة الفرس السفلى.
(٧) الشظف: ييس العيش وشدته
(٨) أى اجمع جمع الذرة، وفى الأصل «واحسد حسد الذرة» وهو تصحيف، والصرد بالفتح وبالتحريك: البرد، وقيل: شدته، وانجحر: دخل فى جحره.

<<  <  ج: ص:  >  >>