للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٢٦ - كتاب الحسن بن سهل إلى محمد بن سماعة القاضى]

وكتب الحسن بن سهل إلى محمد (١) بن سماعة القاضى:

«أما بعد: فإنى احتجت لبعض أمورى إلى رجل جامع لخصال الخير، ذى عفّة ونزاهة طعمة (٢)، قد هذّبته الآداب، وأحكمته التجارب، ليس بظنين (٣) فى رأيه، ولا بمطعون فى حسبه، إن اؤتمن على الأشرار قام بها، وإن قلّد مهمّا من الأمور أجزأ فيه (٤)، له سنّ مع أدب ولسان، تقعده الرّزانة، ويسكّنه الحلم، قد فرّ عن ذكاء وفطنة، وعضّ على قارحه (٥) من الكمال، تكفيه اللّحظة، وترشده السّكتة قد أبصر خدمة الملوك وأحكمها، وقام فى أمورهم فحمد فيها، له أناة الوزراء، وصولة الأمراء، وتواضع العلماء، وفهم الفقهاء، وجواب الحكماء، لا يبيع نصيب يومه بحرمان غده، يكاد يسترق قلوب الرجال بحلاوة لسانه، وحسن بيانه، دلائل الفضل عليه لائحة، وأمارات العلم له شاهدة، مضطلعا (٦) بما استنهض، مستقلا بما حمّل، وقد آثرتك بطلبه، وحبوتك (٧) بارتياده، ثقة بفضل اختيارك، ومعرفة بحسن تأتّيك (٨)».


(١) هو أبو عبد الله محمد بن سماعة التميمى، كان فقيها، وولى القضاء ببغداد بالجانب الغربى، وتوفى سنة ٢٣٣ - انظر الفهرست ص ٢٨٩.
(٢) الطعمة: وجه المكسب.
(٣) الظنين: المتهم.
(٤) أجزأ: أغنى وكفى.
(٥) فر: أى فتش وجرب. وأصله من فر الدابة: إذا فتح حنكها وكشف أسنانها لينظر سنها، وقرح الفرس قروحا: إذا ألقى أقصى أسنانه، وله أربع أسنان يتحول من بعضها إلى بعض، يكون جذعا (بالتحريك) وذلك إذا كان فى السنة الثانية، ثم ثنيا (بفتح فكسر مع تشديد الياء) فى السنة الثالثة، ثم رباعيا (بفتح أوله وثانيه وتخفيف الياء) إذا سقطت رباعيته ونبت مكانها سن، وذلك إذا استتم الرابعة، ثم قارحا إذا سقطت السن التى تلى رباعيته ونبت مكانها نابه، وهو قارحه الذى صار به قارحا، وليس بعد القروح سقوط سن ولا نبات سن، وذلك إذا استتم الخامسة ودخل فى السادسة، والمعنى هنا: تام التجربة.
(٦) اضطلع به. قوى على حمله، واستقله: حمله ورفعه.
(٧) حباه: أعطاه، والمعنى هنا: وخصصتك، والارتياد: الطلب.
(٨) تأتى للأمر: ترفق وأتاه من وجهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>