(٢) فدك: قرية بخيبر فيها عين ونخل كثير، بينها وبين المدينة يومان، أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم سنة سبع صلحا، فكانت خالصة له ينفق ما يأتيه منها فى أبناء السبيل، فلما قبض عليه الصلاة والسلام جاءت فاطمة رضى الله عنها أبا بكر رضى الله عنه تطلب ميراثها من أبيها، وهو أرضه من فدك وسهمه من خيبر، فقال لها أبو بكر: أما إنى سمعت رسول الله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا فهو صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال، وإنى والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله يصنعه إلا صنعته، فهجرته فاطمة فلم تكلمه فى ذلك حتى ماتت، وروى أنه قال لها سمعت رسول الله يقول: إنما هى طعمة أطعمنيها الله تعالى حياتى، فإذا مت فهى بين المسلمين، وروى أيضا أنها قالت له: إن رسول الله جعل لى فدك فأعطنى إياها. وشهد لها على بن أبى طالب رضى الله عنه، فسألها شاهدا آخر، فشهدت لها أم أيمن مولاة رسول الله، فقال: قد علمت يا بنت رسول الله أنه لا يجوز إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين فانصرفت، كما روى أيضا أن فاطمة سألت أباها أن يهبها لها فأبى وقال: ما كان لك أن تسألينى وما كان لى أن أعطيك. ثم أدى اجتهاد عمر بن الخطاب لما ولى الخلافة وفتحت الفتوح واتسعت على المسلمين أن يردها إلى ورثة رسول الله، فكان على بن أبى طالب والعباس بن عبد المطلب يتنازعان فيها، فكان على يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلها فى حياته لفاطمة، وكان العباس يأبى ذلك ويقول: هى ملك رسول الله وأنا وارثه، فكانا يتخاصمان إلى عمر، فيأبى أن يحكم بينهما ويقول: أنتما أعرف بشأنكما، أما أنا فقد سلمتها إليكما، وقيل إنه لما قبض عليه السلام فعل أبو بكر وعمر وعثمان وعلى فى فدك مثل فعله من وضع ما يأتى منها فى أبناء السبيل. فلما ولى معاوية ولى مروان بن الحكم المدينة، فكتب إلى معاوية يطلب فدك، فأقطعه إياها، فكانت بيد مروان يبيع تمرها كل سنة بعشرة آلاف درهم، ثم نزع مروان فنزعها من يده، فكانت بيد وكيله بالمدينة» فلما ولى مروان المدينة المرة الأخيرة، ردها عليه، فأعطى ابنه عبد الملك نصفها وابنه عبد العزيز نصفها، ثم صارت إلى الوليد وسليمان ابنى عبد الملك وإلى عمر بن عبد العزيز، وطلب عمر إلى الوليد حصته فوهبها له، وسأل سليمان حصته فوهبها له أيضا. فاستجمعها عمر، وولى الخلافة وما يقوم به وبعياله إلا هى-