للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٠٨ - تحميد لأبى عبيد الله]

«الحمد لله الذى جعل الإسلام رحمة قدّمها لعباده قبل خلقه إياهم، واستيجابهم إياها منه، فاصطفاه لنفسه وشرعه لهم دينا يدينون به، ثم جعل تجديد وحيه ومتابعة رسله رحمة تلافاهم بها بعد تقديمها، ومنّة ظاهرها عليهم قبل استيجابهم لها، تطوّلا على العباد بالنّعماء، وإعذارا إليهم بالحجج، وتقدمة بالوعد، وإنذارا إليهم عواقب سخطه فى المعاد.

والحمد لله الذى ابتعث محمدا صلى الله عليه وسلم بهداه وشرائع حقه على فترة من الرسل، وطموس من معالم الحق، ودروس (١) من سبل الهدى، عند الوقت الذى بلغ فى سابق علمه ومقاديره أن يجتبى لدينه الأصفياء، ويختار له الأولياء، الظاهرين بحقه، القاهرين لمن ابتغى سبيلا غير سبيله، فعظّم حرمته، ووسّع حوزته، وصدع (٢) بأمره، وجاهد عن حقه فى حومات الضلالة وظلمات الكفر، بالحق المبين، والسّراج المنير، ثم جعله مصدّقا لمن سبقه من الرسل، ومجدّدا لما بعثوا له وهدى ورحمة، ثم جعل لدينه وظائف وظّفها على أهله، وشرائع شرعها لهم، لا يكمل دينهم إلا بها، وجعل أداءها إليه، واعتصامهم بها، إماما لدينه، ونظاما لنوره، وقواما لحقه، واستيجابا لما وعد عليه من ثوابه، وأمنا لما أوعد من خالفه من عقابه، فليس يسع أهل الإيمان بالله الذين أكرمهم به، وأجزل لهم فضله وأجره، وجعل لهم عزّه وعلوّه، واختار لهم الغلبة والعاقبة على من فارقهم فيه، إلا معرفتها وأداؤها بما يستكمل به حدودها وممّا لها من كذا وكذا». (اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٢٧٨)


(١) أى امحاء،
(٢) أى جهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>