للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أهلها، فأسأل الذى فتن الأرض بحياته، وغمّ أهلها بطول بقائه، أن يديل بطنها من ظهرها (١)، والسلام».

(المنظوم والمنثور ١٣: ٤١٣ ومفتاح الأفكار ص ٢٨٠)

[١٥٢ - كتاب آخر]

وكتب إليه:

«أما بعد، فإنى قد ظننت أنه لم يدعك إلى خلاف أمير المؤمنين فى عهده ووصيه، وترك ما أمرك به من القسم فى رعيته، مع البغض لأهل بيته والفرية على قرابته، إلا أنك لم تر أن تمسّك النار إلا أيّاما معدودة (٢)، وأنك فكّرت فى ذلك وقدّرت (٣)، فقلت: نصيحة ظاهرة، وفرية غائبة، ومتعة عاجلة، ومواعيد آجلة، وتهاونت بعذاب الآخرة، ولو قد لقيت أبا مسلم وأتيت الحجّاج، وجمع بينك وبين أخويك: مروان ابن الحكم، ومسرف (٤) بن عقبة، لقد أعلمك القوم جميعا أنهم وجدوا مثقال الذّرّة مكتوبا، ووزن الحبّة محسوبا، وأنهم قد أخذوا بأيسر من ذنبك، وعذّبوا بأصغر من جرمك، وأن الأيام ليست كما عددت، وأن المدة على غير ما كنت حسبت، وأنك قد أوهمت (٥) حين فكّرت، وأسأت حين قدّرت، وأنهم كانوا ظنوا كما ظننت، فأرداكم ظنّكم الّذى ظننتم بريكم فأصبحتم من الخاسرين. فإن تصبروا فالنّار مثواكم وإن تستعتبوا فما أنتم من المعتبين (٦)». (المنظوم والمنثور ١٣: ٤١٤)


(١) أداله الله من عدوه: نصره عليه. والمعنى: أن ينصر الله بطن الأرض على ظهرها، فيظفر منه بذلك المهجو ويضمه إليه: أى أن يميته الله ويهلكه.
(٢) اقتبسه من قوله تعالى: «وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً».
(٣) اقتبسه من قوله تعالى: «إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ».
(٤) هو مسلم بن عقبة المرى صاحب يوم الحرة- انظر الجزء الثانى ص ٨٧ - وقد سمى مسرفا.
والمراد هنا أنهما أخواه فى الفعل.
(٥) وهم كوعد وورث وأوهم بمعنى.
(٦) اقتبسه من قوله تعالى: «وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>