للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستعتب المتجنّى (١)، وفى رفقك وعلمك بالأمور ما يصلح الفاسد، ويذلّل الصعب، ويقبل المدبر، ولا يمنعنّك جور من جار عليك، من الاعتقاد فى الحجّة عليه، والأخذ بالثّقة فى أمره، فإن الله عز وجل لم يجعل عليك فى ذلك منقصة ولا غضاضة، بل فيه الإعذار والإنذار والاستبصار وقضاء حاجة النفس، مع التأدية إلى السلامة، والأمن من الندامة». (اختيار المنظوم والمنثور ١٢: ٢٦٢)

[٢١٥ - كتاب إبراهيم بن إسماعيل إلى على بن الهيثم]

وكتب إبراهيم بن إسمعيل إلى على بن الهيثم:

«بلغنى ما أظهرت من الوعيد والحميّة، فحملت ذلك منك على شرف الحسب، وكرم النسب، فإن لأشراف العرب سطوات لا يملكونها، وكلّ ما أتيت فشبيه بك وبموضعك، وقد قيل: «اخذر صولة اللئيم إذا شبع» وأنت أبا حسن- مدّ الله فى عمرك- منهم، ولك فى معاداة الرجال لذّة أرجو أن يجعلها الله سبيلا لهلاكك، وقد ينبغى أن تعلم أن الذى أنت فيه لم يحدث لك نفسا غير نفسك، ولا أبا غير أبيك، وقد تجرى المقادير لكثير من السّفلة بوجوه من الحظ، يجعلها الله عليهم وبالا، ولهم فى الدنيا والآخرة نكالا، يهتك بها أستارهم، ويخرج بها أضغانهم، إذا ضمّتهم مضامن النعم، وهم مع ذلك يرون أنه لا يلحقهم بأهل الفضل غير التجبّر والفخر، ووالله ما دعانى إلى هذا أنى أرى الانتقام منك حظّا، ولكنى أحببت أن أعرّفك من نفسك ما أصبحت به جاهلا، وأصبح للناس باديا، ولئن أنكرت نصيحتى (٢) لقد وضعتها فى غير موضعها، وبالله نستعين على ابتلائه الدنيا، وتدنيسه النعمة، وحطّه المراتب والأقدار بك، أعاذنا مما ابتلاك به».

(المنظوم والمنثور ١٣: ٤٢٢)


(١) استعتبه: طلب إليه العتبى (بالضم) وهى الرضا والصفح، وتجنى عليه: ادعى ذنبا لم يفعله.
(٢) فى الأصل «فضيحتى» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>