للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قدموا على معاوية أنزلهم، وأجرى عليهم بأمر عثمان ما كان يجرى عليهم بالعراق، وجعل ينصح لهم بلزوم الجماعة، وكراهة الفرقة، وأن يوقّروا أئمتهم، ويدلّوهم على كل حسن ما قدروا، ويعظوهم فى لين ولطف فى شئ إن كان منهم، وطال بينه وبينهم الجدل واللّجاج، حتى وثبوا عليه فأخذوا برأسه ولحيته.

[٣٠٥ - كتاب معاوية إلى عثمان]

فكتب إلى عثمان:

«بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من معاوية بن أبى سفيان:

أما بعد، يا أمير المؤمنين فإنك بعثت إلىّ أقواما يتكلمون بألسنة الشياطين وما يملون عليهم، ويأتون الناس- زعموا- من قبل القرآن، فيشبّهون (١) على الناس، وليس كلّ الناس يعلم ما يريدون، وإنما يريدون فرقة، ويقرّبون فتنة، قد أثقلهم الإسلام وأضجرهم، وتمكنّت رقى (٢) الشيطان من قلوبهم، فقد أفسدوا كثيرا من الناس ممن كانوا بين ظهرانيهم من أهل الكوفة، ولست آمن إن أقاموا وسط أهل الشأم أن يغرّوهم بسحرهم وفجورهم، فارددهم إلى مصرهم. فلتكن دارهم فى مصرهم الذى نجم (٣) فيه نفاقهم والسلام».

وفى خبر آخر أن معاوية كتب إلى عثمان:

«إنه قدم علىّ أقوام ليست لهم عقول ولا أديان، أثقلهم الإسلام وأضجرهم العدل، لا يريدون الله بشئ، ولا يتكلمون بحجة، إنما همّهم الفتنة وأموال أهل الذمة، والله مبتليهم ومختبرهم، ثم فاضحهم ومخزيهم، وليسوا بالذين ينكون (٤) أحدا إلا مع غيرهم، فانه سعيدا ومن قبله عنهم، فإنهم ليسوا لأكثر من شغب أو نكير».


(١) أى يلبسون عليهم ويأتون لهم بالشبه.
(٢) الرقى جمع رقية كغرفة: وهى العوذة.
(٣) أى ظهر.
(٤) نكى العدو وفيه: قتل وجرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>