للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعقل فالأعقل الأحوج فالأحوج، والاستفادة فيما مضى غير مضرّة بما يستفيد فيما يستقبل، وأن بعض ذلك اتّكال على بعض، غير مضرّ به، ولا ناقض له، ولا مسىء الثناء عليه، فافهم». (اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٤٠٧)

[٥٠ - كتاب حماد عجرد إلى يحيى بن زياد]

وروى صاحب الأغانى قال:

كان حمّاد عجرد (١) صديقا ليحيى بن زياد، فأظهر تورّعا وقراءة ونزوعا عما كان عليه، وهجر حمادا وأشباهه، فكان إذا ذكر عنده ثلبه (٢)، وذكر تهتكه ومجونه، فبلغ ذلك حمّادا، فكتب إليه (٣):

هل تذكرون دلجى إليك على المضمّرة القلاص (٤) ... أيام تعطينى وتأ

خذ من أباريق الرّصاص ... إن كان نسكك لا يتمّ بغير شتمى وانتقاصى


(١) هو حماد بن يحيى بن عمرو، وعجرد لقب له، وهو من مخضرمى الدولتين، وكان خليعا ماجنا متهما فى دينه، وكان بالكوفة ثلاثة نفر يقال لهم الحمادون: حماد عجرد، وحماد الراوية، وحماد الزيرقان، يتنادمون على الشراب ويتناشدون الأشعار وكانوا كأنهم نفس واحدة، يرمون بالزندقة جميعا، وأشهرهم بها حماد عجرد، وقتله محمد بن سليمان بن على عامل البصرة بظاهر الكوفة على الزندقة سنة ١٥٥ - انظر ترجمته فى الأغانى ١٣: ٧٠ ووفيات الأعيان ١: ١٦٥، وكذلك كان يحيى بن زياد متهما بالزندقة، قال على بن الجعد: «قدم علينا (ببغداد) فى أيام المهدى هؤلاء القوم: حماد عجرد ومطيع ابن إياس ويحيى بن زياد، فنزلوا بالقرب منا، فكانوا لا يطاقون خبثا ومجانة».
(٢) ثلبه كضربه: عابه.
(٣) وفى رواية ابن خلكان فى وفيات الأعيان «ويحكى أنه كانت بين حماد عجرد وبين أحد الأئمة الكبار- وما يليق التصريح بذكر اسمه- مودة، ثم تقاطعا فبلغه عنه أنه يتنقصه، فكتب إليه حماد ... » وجاء فى رواية أخرى لصاحب الأغانى قال: «كان أبو حنيفة الفقيه صديقا لحماد عجرد، فنسك أبو حنيفة وطلب الفقه فبلغ ما بلغ، ورفض حمادا وبسط لسانه فيه، فجعل حماد يلاطفه حتى يكف عن ذكره، وأبو حنيفة يذكره، فكتب إليه حماد بهذه الأبيات» والصحيح أن ذلك الكتاب إلى يحيى بن زياد كما فى الرواية الأولى، أما الرواية الأخرى فإنا نجزم أنها كذب على أبى حنيفة قطعا.
(٤) الدلج: السير من أول الليل، والقلاص جمع قلوص كصبور: وهى الناقة الفتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>