للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعثمان، وكيف ولاية قاتل متعمّد ومقتول فى دين واحد؟ ولقد ملك علىّ بعده، فنفى الشّبهات، وأقام الحدود، وأجرى الأحكام مجاريها، وأعطى الأمور حقائقها فيما عليه وله، فبايعه أبوك وطلحة، ثم خلعاه ظالمين له، وإن القول فيك وفيهما لكما قال ابن عباس: «إن يكن علىّ فى وقت معصيتكم ومحاربتكم له كان مؤمنا، أما لقد كفرتم بقتال المؤمنين وأئمة العدل، ولئن كان كافرا كما زعمتم، وفى الحكم جائرا، لقد بؤتم بغضب من الله لفراركم من الزّحف» ولقد كنت له عدوّا، ولسيرته عائبا، فكيف تولّيته بعد موته؟ ». (الكامل للمبرد ٢: ١٧٩، والعقد الفريد ١: ٢١٤)

[١٠٧ - كتاب من عبد الله بن الزبير إلى المهلب بن أبى صفرة]

واشتدت شوكة الخوارج الأزارقة بالأهواز، وخشى أهل البصرة أن يجتاحوا مصرهم، فهبّوا لمدافعتهم، ونشبت بين الفريقين عدّة وقعات (١).


(١) لما غلب نافع على بلاد الأهواز أقام بها يعترض الناس ويقتل الأطفال، فإذا أجيب إلى المقالة جبى الخراج، وفشا عماله فى السواد، فارتاع لذلك أهل البصرة، فاجتمعوا إلى الأحنف بن قيس فشكوا ذلك إليه، وقالوا: ليس بيننا وبين العدو إلا ليلتان، وسيرتهم ما ترى، قال الأحنف: إن فعلهم فى مصركم إن ظفروا به كفعلهم فى سوادكم، فجدوا فى جهاد عدوكم، فاجتمع إليه عشرة آلاف فأتى عبد الله بن الحرث بن نوفل ابن الحرث بن عبد المطلب (وهو ببة) أمير البصرة من قبل ابن الزبير فسأله أن يؤمر عليهم، فاختار لهم مسلم بن عنيس فأمره عليهم، والتقى بنافع فى «دولاب» فاقتتلوا قتالا شديدا، وقتل- فى المعركة ابن عنيس ونافع. ثم عزل ابن الزبير عبد الله بن الحرث عن البصرة وولاها عمر ابن عبيد الله بن معمر، وولى عمر أخاه عثمان بن عبيد الله محاربة الأزارقة. فلما عبروا إليهم دجيلا نهض إليهم الخوارج- وذلك قبيل الظهر- فقال عثمان لحارثة بن بدر: أما الخوارج إلا ما أرى؟ فقال له حارثة: حسبك بهؤلاء، فقال: لا جرم، والله لا أتغدى حتى أناجزهم، فقال له حارثة: إن هؤلاء لا يقاتلون بالتعسف فأبق على نفسك وجندك، فقال: أبيتم أهل العراق إلا جبنا. وحاربهم عثمان يومه إلى أن غابت الشمس، فأجلت الحرب عنه قتيلا، وانهزم الناس.
وعزل ابن الزبير عمر بن عبيد الله وولى الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة- وهو أخو عمر بن عبد الله ابن أبى ربيعة المخزومى الشاعر- وأقام حارثة بن بدر يدافع الخوارج فهزموه، فهرب يركض حتى أتى دجيلا، فجلس فى سفينة واتبعه جماعة من أصحابه، وأتاه رجل من بنى تميم وعليه سلاحه، والخوارج وراءه، فصاح به: يا حارث ليس مثلى ضيع، فقال للملاح: قرب، فقرب إلى جرف، فظفر بسلاحه فى السفينة، فساخت بالقوم جميعا، وماتوا غرقا، وتوجه الخوارج نحو البصرة، فضج الناس إلى الأحنف، فأتى الحارث بن عبد الله فقال: أصلح الله الأمير، إن هذا العدو قد غلبنا على سوادنا وفيئنا، فلم يبق إلا أن يحصرنا فى بلدنا حتى نموت هزلا، قال فسموا رجلا، فقال الأحنف: ما أرى لها إلا المهلب بن أبى صفرة، فولاه قتالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>