للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم المذاهب، أخرجهم الله كالنّبل لم يوصل به ريشه، ولم يشدد عليه نصله، فطاش عن المرمى، وقصر عن المدى، فنزعوا أيديهم، وصاروا إلى ربّهم بالخبل (١)».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٤١٩)

[٩٢ - كتاب بشر البلوى إلى يزيد بن منصور]

وكتب بشر (٢) بن أبى كبار البلوىّ إلى يزيد بن منصور عامل أبى جعفر المنصور على اليمن، وقدم إلى صنعاء أوّل سنة ١٥٤ بعد الفرات بن سالم، وقد طلب منه ما كان فرضه الفرات لنفسه على أهل اليمن:

«بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فإنه قدم علىّ كتاب من الأمير- حفظه الله- مع رسوله نعمان الهمدانىّ، يأمرنى أن أبعث إليه بفرض الفرات بن سالم، وأنا أخبر الأمير- أكرمه الله- أنه كان قدم علينا قبل كتابه كتاب الله تعالى مع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، يأمرنا فيه أن نفرّق ما جمع الفرات، وأن نهدم ما بنى، وأن نوالى من عادى، وأن نعادى من والى، ونظرت فى الرسالتين، وقست بين الرسولين، لغير تحيّر عرض، ولا لشبهة بحمد الله دخلت، فرأيت أن لا أنقض ما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، لما قدم به النعمان- لعنه الله وغضب عليه- وعلمت أنّه من يزغ منا عن أمر الله يذقه من عذاب السّعير (٣)، فليقض الأمير- حفظه الله- فىّ ما كان قاضيا (٤)، ثم ليعجّل ذلك ولا ينظرنى (٥)، فو الله إنّ العافية لفي عقابه، وإن العقاب


(١) الخبل: الفساد.
(٢) جاء فى المواهب الفتحية ٢: ١٤٠ «هو من فضلاء اليمن من أهل صنعاء، من قبيلة بلىّ كغنى، وهو أبلغ الناس، وكانت بلاغته تتهادى فى البلاد، وكان له فيها مأخذ لم يسبقه إليه أحد ولم يلحقه فيه، ويتعجب من بلاغته ونفاستها، وأنه فيها أوحد، وأنه لا يشابه بلاغته البلغاء، وأنه منفرد بحسن اختلاس القرآن الكريم- هكذا ذكر أبو محمد الهمدانى الشهير بابن الحائك المتوفى سنة ٣٣٤».
(٣) اقتبسه من قوله تعالى: «وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ»
(٤) اقتبسه من قوله تعالى: «فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ»
(٥) أنظره: أخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>