للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحامق مع الحمقى إذا ما لقيتهم ... ولا قهم بالجهل، فعل أخى الجهل

وخلّط إذا لاقيت يوما مخلّطا ... يخّلط فى قول صحيح وفى هزل

فإنى رأيت المرء يشقى بعقله ... كما كان قبل اليوم يسعد بالعقل

فبقيت- أبقاك الله- مثلى من أصبح على أوفاز (١)، ومن النّقلة على جهاز لا يسوغ له نعمة، ولا تطعم عينه غمضة، فى أهاويل يباكره مكروهها، ويراوحه عقائبها. فلو أن الدعاء أجيب، والتضرّع سمع، لكانت العدة العظمى (٢)، والرّجفة الكبرى، فليت- أى أخى- ما أستبطئه من النّفخة، ومن فجأة الصّيحة، قضى فحان، وأذن به فكان، فوالله ما عذّبت أمة برجفة ولا ريح ولا سخطة، عذاب عينى برؤية المغايظة المدمنة، والأخبار المهلكة، كأنّ الزمان يوكّل بعذابى، أو ينصب بأيامى، فما عيش من لا يسرّ بأخ شفيق، ولا يصطبح فى أول نهاره إلّا برؤية من يكرهه، وبغمّة من يغمّه طلعته، فقد طالت الغمّة، وواظبت الكربة، وادلهمّت (٣) الظّلمة، وخمد السّراج، وتباطأ الانفراج».

(العقد الفريد ١: ١٩٥)

[٦٢ - كتاب الجاحظ فى استنجاز وعده]

وكتب الجاحظ إلى رجل وعده:

«أما بعد، فإن شجرة وعدك قد أورقت، فليكن ثمرها سالما من جوائح المطل، والسلام».

(العقد الفريد ١: ٧٥، ٢: ١٩٩)


(١) يقال: لقيته على أوفاز: أى على عجلة. أو على سفر قد أشخص، واحدها وفز بالتحريك والسكون: هو العجلة.
(٢) يعنى الموت وموافاة الأجل المحتوم.
(٣) ادلهم الظلام: كثف واسود.

<<  <  ج: ص:  >  >>