للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٩٤ - كتاب رجل من الأنصار إلى معاوية وعمرو]

قال أيضا: وكتب رجل من الأنصار إلى معاوية وعمرو بن العاص مع كتاب عبد الله بن عمر:

معاوى: إن الحقّ أبلج واضح ... وليس بما ربّصت أنت ولا عمرو (١)

نصبت ابن عفّان لنا اليوم خدعة ... كما نصب الشيخان إذ قضى الأمر (٢)

فهذا كما ذاك البلا حذو نعله ... سواء كرقراق يغرّ به السّفر (٣)

رميتم عليّا بالذى لا يضيره ... وإن عظمت فيه المكيدة والمكر (٤)

وما ذنبه أن نال عثمان معشر ... أتوه من الأحياء تجمعهم مصر

فثار إليه المسلمون ببيعة ... علانية ما كان فيها لهم قسر (٥)

وبايعه الشيخان ثم تحمّلا ... إلى العمرة العظمى وباطنها الغدر (٦)

فكان الذى قد كان، ممّا اقتصاصه ... يطول، فيا لله ما أحدث الدّهر

وما أنتما والنصر منا؟ وأنتما ... بعيثا حروب ما يبوخ لها جمر (٧)

وما أنتما؟ لله درّ أبيكما! ... وذكركما الشّورى وقد وضح الفجر (٨)

(شرح ابن أبى الحديد م ١: ص ٢٥٨)


(١) أبلج: مضئ مشرق، وربص بفلان وتربص: انتظر به خيرا أو شرا يحل به.
(٢) يعنى بالشيخين: طلحة والزبير.
(٣) من أمثالهم: «حذو النعل بالنعل» وهو مثل يضرب فى التسوية بين الشيئين. والرقراق: ترقرق السراب (وكل شئ له بصيص وتلألؤ فهو رقراق) والسفر: المسافرون.
(٤) ضاره: ضره.
(٥) القسر: القهر.
(٦) انظر ص ٢٩٥، وتحمل: ارتحل وذهب.
(٧) البعيث: الرسول وهو فعيل بمعنى مفعول، وباخت النار: سكنت.
(٨) لله دره، كلمة تقال لمن يتعجب منه، والدر: اللبن، والمراد هنا اللبن الذى ارتضعه من ثدى أمه وأضيف إلى الله تعالى تشريفا، أى أن اللبن الذى تغذى به يستحق أن ينسب إلى الله تعالى لشرفه وعظمه، وقيل: معناه لله الندى الذى أرضعه وهو قريب من الأول، والدر أيضا العمل والنفس، أى أن عمله عظيم جليل جدير به أن يضاف إلى الله تعالى، أو أن نفسه شريفة كريمة كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>