وحدث عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه قال: كنت عاملا لعمر بن عبد العزيز، فكتبت إليه أن رجلا كان يهوديا فأسلم، ثم تهوّد ورجع عن الإسلام، فكتب إلىّ عمر أن:
«ادعه إلى الإسلام، فإن أسلم فخلّ سبيله، وإن أبى فادع بالخشبة فأضجعه عليها، ثم ادعه، فإن أبى فأوثقه، وضع الحربة على قلبه، ثم ادعه، فإن رجع فخلّ سبيله، وإن أبى فاقتله».
ففعل ذلك به حتى وضع الحربة على قلبه، فأسلم، فخلّى سبيله.
(كتاب الخراج ص ٢١٧)
[٣٨٥ - كتابه إلى بعض عماله]
وكتب إلى بعض عماله:
«أما بعد، فكأنّ العباد قد عادوا إلى الله، ثم ينبّئهم بما عملوا، ليجزى الّذين أساءوا بما عملوا ويجزى الّذين أحسنوا بالحسنى، فإنه لا معقّب لحكمه ولا منازع لأمره، وإنى أوصيك بتقوى الله وأحثّك على الشكر فيما اصطنع عندك من نعمه، وآتاك من كرامته، فإن نعمه يمدّها شكره، ويقطعها كفره، وأكثر ذكر الموت الذى لا تدرى متى يغشاك، فلا مناص ولا فوت، وأكثر ذكر يوم القيامة وشدّته، فإن ذلك يدعوك إلى الزّهادة فيما رغبت فيه، والرغبة فيما زهدت فيه، ثم كن مما أوتيت من الدنيا على وجل، فإن من لا يحذر ذلك ولا يتخوّفه توشك الصّرعة أن تدركه فى الغفلة، وأكثر النظر فى عملك فى دنياك بالذى أمرت به، ثم اقتصر عليه فإن فيه لعمرى شغلا عن دنياك، ولن تدرك العلم حتى تؤثره على الجهل، ولا الحقّ حتى تذر الباطل، نسأل الله لنا ولك حسن معونته، وأن يدفع عنا وعنك بأحسن دفاعه، برحمته». (سيرة عمر لابن الجوزى ص ٢١٨)