واعلم يا محمد أن أفضل الفقه الورع فى دين الله، والعمل بطاعته، فعليك بتقوى الله فى سرّ أمرك وعلانيتك، وأوصيك بسبع هنّ جوامع الإسلام: اخش الله ولا تخش الناس فى الله، وخير القول ما صدّقه العمل، ولا تقض فى أمر واحد بقضاءين مختلفين فيتناقض أمرك، وتزيغ عن الحق، وأحبّ لعامّة رعيتك ما تحبّه لنفسك، واكره لهم ما تكره لنفسك، وأصلح أحوال رعيتك، وخض الغمرات إلى الحق، ولا تخف لومة لائم، وانصح لمن استشارك، واجعل نفسك أسوة لقريب المسلمين وبعيدهم، جعل الله خلّتنا (١) وودّنا خلّة المتقين وودّ المخلصين، وجمع بيننا وبينكم فى دار الرّضوان إخوانا على سرر متقابلين، إن شاء الله».
(شرح ابن أبى الحديد م ٢: ص ٢٦)
٥٠٠ - كتاب علىّ إلى أهل مصر
وروى ابن أبى الحديد قال:
كتب علىّ عليه السلام إلى أهل مصر لما بعث محمد بن أبى بكر إليهم كتابا يخاطبهم فيه ويخاطب محمدا أيضا فيه:
«أما بعد: فإنى أوصيكم بتقوى الله فى سرّ أمركم وعلانيته، وعلى أى حال كنتم عليها، وليعلم المرء منكم أن الدنيا دار بلاء وفناء، والآخرة دار جزاء وبقاء، فمن استطاع أن يؤثر ما يبقى على ما يفنى فليفعل، فإن الآخرة تبقى والدنيا تفنى، رزقنا الله وإياكم بصرا لما بصّرنا وفهما لما فهّمنا، حتى لا نقصّر عما أمرنا، ولا نتعدّى إلى ما نهانا
واعلم يا محمد: أنك وإن كنت محتاجا إلى نصيبك من الدنيا، إلا أنك إلى نصيبك من الآخرة أحوج، فإن عرض لك أمران: أحدهما للآخرة، والآخر للدنيا، فابدأ