للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٠٦ - كتاب أبى عبيد الله إلى المهدى]

وكتب إلى المهدىّ وزيره أبو عبيد الله (١) وقد عزله عن ديوان الرسائل سنة (١٦٧) هـ، وولّاه الربيع:

«لم ينكر أمير المؤمنين حالى فى قرب المؤانسة، وخصوص الخلطة (٢)، من حالى عنده قبل ذلك فى قيامى بواجب خدمته التى أدنتنى من نعمته، ووطّدت (٣) لقدمى من كرامته، فلم أبدّل- أعزّ الله أمير المؤمنين- حال التبعيد؟ وأفرّب فى محل الإقصاء، وما يعلم الله منى فيما قلت إلّا ما علمه أمير المؤمنين، فإن رأى- أكرمه الله- أن يعارض قولى بعلمه بدءا وعاقبة، فعل إن شاء الله».

*** فلما قرأ كتابه شهد بتصديقه قلبه، فقال: ظلمنا أبا عبيد الله فليردّ إلى حاله، ويعلم ما تجدّد له من حسن رأيى فيه. (زهر الآداب ١: ٣٤٣)

[١٠٧ - تحميد لأبى عبيد الله]

«الحمد لله الذى شرع- لإظهار حقّه، وإنفاذ سابق قضائه فيمن ذرأ وبرأ (٤) من عباده. بإدخال من أراد أن يدخل فى رحمته، وإنجاز ما حقّ له من العبادة على


(١) هو أبو عبيد الله معاوية بن يسار من موالى الأشعريين، كان كاتب المهدى ونائبه قبل الخلافة، ضمه المنصور إليه، وكان قد عزم على أن يستوزره، لكنه آثر به ابنه المهدى، فكان غالبا على أمور المهدى لا يعصى له قولا، وكان المنصور لا يزال يوصيه فيه ويأمره بامتثال ما يشير به، فلما ولى المهدى الخلافة فوض إليه تدبير المملكة، وسلم إليه الدواوين، وكان كاتب الدنيا وأوحد الناس حذقا وعلما وخبرة، ومات سنة ١٧٠ هـ».
وكان الربيع بن يونس يحقد عليه، فجهد أن ينال منه، وسعى بابنه إلى المهدى، واتهمه بالزندقة فقتله المهدى- انظر أخباره فى تاريخ الطبرى ٩: ٣٣٩ و ١٠: ٩ والفخرى ص ١٦٣.
(٢) الخلطة بالكسر: العشرة.
(٣) وطد الشىء كوعد ووطده: ثبته.
(٤) ذرأ الله الخلق وبرأهم- كجعل فيهما- خلقهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>