للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودون الذى منّى ابن جفنة نفسه ... رجال يردّون الظّلوم عن الشّعب

وقد رامنا من قبلك المرء حارث ... فغودر مسلولا لدى الأكم الصّهب (١)

(تاريخ الطبرى ٢: ٧٣)

٤ - كتاب عدىّ بن زيد العبادى إلى أخيه أبىّ

ولما مات المنذر بن المنذر (٢) بن ماء السماء، ولّى كسرى أبرويز بن هرمز ملك الفرس ابنه النّعمان بن المنذر على الحيرة، وكان عدىّ بن زيد العبادىّ وإخوته فى كتاب كسرى يترجمون له (٣)، وكان لعدى يد فى فوز النعمان بالإمارة، إذ احتال له حتى آثره بها كسرى دون إخوته (٤)، فجعل أعداء عدىّ يكيدون له عند النعمان، ووشوا


(١) الأكم كسبب، وعنق، وأجبل، وجبال، وأجبال جمع أكمة كرقبة: وهى دون الجبل.
والصهب جمع أصهب، والأصهب من الإبل: الذى يخالط بياضه حمرة.
(٢) ولى من سنة ٥٨٢ إلى سنة ٥٨٥ م، قيل إنه قتل يوم مرج حليمة فى حربه مع الحرث الأعرج الغسانى، وكان قد سار إليه للطلب بثأر أبيه عنده، وقيل إنه لم يقتل، وولى ابنه النعمان بن المنذر من سنة ٥٨٥ إلى سنة ٦١٣ م، وكسرى أبرويز هو الذى كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام، قال الزرقانى فى شرحه على المواهب ج ٣: ص ٣٨٩ «بفتح الواو وكسرها، ومعناه بالعربية المظفر».
(٣) كان قابوس بن المنذر الأكبر (عم النعمان) بعث إلى كسرى أبرويز بن هرمز بعدى بن زيد وإخوته فكانوا من تراجمته، وكان عدى شاعرا خطيبا، وقد قرأ كتب العرب والفرس، والعبادى نسبة إلى العباد بالكسر: وهم قوم من قبائل شتى من بطون العرب اجتمعوا على النصرانية بالحيرة، فأنفوا أن يتسموا بالعبيد وقالوا نحن العباد.
(٤) كان المنذر بن المنذر لما ملك جعل ابنه النعمان فى حجر عدى بن زيد فهم الذين أرضعوه وربوه وكان للمنذر ثلاثة عشر ولدا، وكان يقال لهم الأشاهب من جمالهم، وكان النعمان من بينهم أحمر أبرش قصيرا، فلما مات المنذر دعا كسرى عدى بن زيد، فقال له: من بقى من آل المنذر، وهل فيهم أحد فيه خير؟ قال: نعم، إن فى ولد المنذر لبقية، وفيهم كلهم خير، قال: ابعث إليهم. فكتب فيهم، فقدموا عليه، فأنزلهم على عدى بن زيد، فقال عدى للنعمان: لست أملك غيرك، فلا يوحشنك ما أفضل به إخوتك عليك من الكرامة، فإنى إنما أغترهم بذلك، ثم كان يفضل إخوته جميعا عليه فى النزل والإكرام والملازمة ويريهم تنقصا للنعمان، وجعل يخلو بهم رجلا رجلا، فيقول لهم: إن سالكم الملك: أتكفوننى العرب؟
فقولوا: نكفيكهم إلا النعمان، وقال للنعمان: إن يسألك الملك عن إخوتك، فقل له: إن عجزت عنهم فأنا عن غيرهم أعجز. وفى رواية الأغانى: (وجعل يخلو بهم رجلا رجلا: فيقول: إذا أدخلتكم على المك، فقال لكم: أتكفوننى العرب فقولوا: نعم! فإذا قال لكم: فإن شذ أحدكم عن الطاعة وأفسد، أتكفوننيه فقولوا: لا، إن بعضنا لا يقدر على بعض، ليهابكم ولا يطمع فى تفرقكم، ويعلم أن للعرب منعة وبأسا، -

<<  <  ج: ص:  >  >>