للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صورة أخرى لرد قطرى عليه]

فأجابه قطرىّ بن الفجاءة:

«من قطرى بن الفجاءة إلى الحجاج بن يوسف، سلام على الهداة من الولاة الذى يرعون حريم الله، ويرهبون نقمه، فالحمد لله على ما أظهر من دينه، وأظلع (١) به أهل السّفالة، وهدى به من الضلالة، ونصر به عند استخفافك بحقه.

كتبت إلىّ تذكر أنى أعرابى جلف أمى، أستطعم الكسرة، وأشتفى بالتمرة، ولعمرى يا ابن أمّ الحجاج إنك لميّت فى جبلّتك، مطلخمّ (٢) فى طريقتك، واه فى وثيقتك، لا تعرف الله ولا تجزع فى خطيئتك، يئست واستيأست من ربك، فالشيطان قرينك لا تجاذبه وثاقك (٣)، ولا تنازعه خفاقك (٤)، فالحمد لله الذى لو شاء أبرز لى صفحتك، وأوضح لى طلعتك (٥)، فو الذى نفس قطرى بيده لعرفت أن مقارعة الأبطال ليس كتصدير المقال، مع أنى أرجو أن يدحض الله حجتك، وأن يمتعنى بمهجتك (٦).

(البيان والتبيين ٢: ١٦٥)

[١٨٥ - كتاب عبد الملك إلى الحجاج]

قال الطبرى:

ولما صارت فارس كلها فى يدى المهلب، بعث الحجاج عليها عماله (٧) وأخذها من المهلب، فبلغ ذلك عبد الملك، فكتب إلى الحجاج:


(١) من طلع البعير كمنع: غمز فى مشيه.
(٢) اطلخم الرجل: تكبر، واطلخم الليل: أظلم.
(٣) الوثاق بالفتح وبكسر: ما يشد به.
(٤) الخناق بالكسر: الحبل يخنق به.
(٥) الظاهر أنها «صلعتك» كما تقدم.
(٦) فى الأصل «مهجتك» ولكن الذى فى كتب اللغة أن الفعل يتعدى إلى الثانى بالباء، يقال:
أمتعه بالشىء ومتعه: ملاه إياه.
(٧) وقال المبرد: «وولى احجاج كردما فارس، فكتب المهلب إلى الحجاج يسأل أن يتجافى له عن إصطخر ودرابجرد لأرزاق الجند ففعل، وكان قطرى هدم مدينة إصطخر لأن أهلها كانوا يكاتبون المهلب بأخباره وأراد مثل ذلك بمدينة فسا فاشتراها منه آزاذ مرد بن الهربذ بمائة ألف درهم فلم يهدمها» - الكامل للمبرد ٢: ٢٢٥ - .

<<  <  ج: ص:  >  >>