للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٤٧ - وله فى وصف البيان]

«البيان ترجمان القلوب، وصيقل العقول، ومجلّى الشبهة، وموجب الحجّة، والحاكم عند اختصام الظنون، والمفرّق بين الشك واليقين، وهو من سلطان الرّسل الذى انقاد به المستصعب، واستقام الأصيد (١)، وبهت الكافر، وسلّم الممتنع، حتى أشب (٢) الحقّ بأنصاره، وخلا ربع الباطل من عمّاره.

وخير البيان ما كان مصرّحا عن المعنى، ليسرع إلى الفهم تلقيّه، وموجزا ليخفّ على اللفظ تعاطيه، وفضل القرآن على سائر الكلام معروف غير مجهول، وظاهر غير خفىّ، يشهد بذلك عجز المتعاطين، ووهن المتكلّفين، وتحيّر الكذّابين وهو المبلّغ الذى لا يملّ، والجديد الذى لا يخلق، والحق الصادع، والنور الساطع، والماحى لظلم الضلال، ولسان الصدق النافى للكذب، ونذير قدّمته الرحمة قبل الهلاك، وفاعى الدنيا المنقولة، وبشير الآخرة المخلّدة، ومفتاح الخيرة، ودليل الجنّة، إن أوجز كان كافيا، وإن أكثر كان مذكّرا، وإن أومأ كان مقنعا، وإن أطال كان مفهما، وإن أمر فناصحا، وإن حكم فعادلا، وإن أخبر فصادقا، وإن بيّن فشافيا، سهل على الفهم، صعب على المتعاطى، قريب المأخذ، بعيد المرام، سراج تستضىء به القلوب، حلو إذا تذوّقته العقول، بحر العلوم، وديوان الحكم، وجوهر الكلم، ونزهة المتوسّمين، وروح قلوب المؤمنين، نزل به الرّوح الأمين، على محمد خاتم النبيين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين، فخصم الباطل، وضدع بالحق، وتألّف من النّفرة، وأنقذ من الهلكة، فوصل الله له النصر، وأضرع (٣) به خدّ الكفر».

(زهر الآداب ١: ١١٤)


(١) الأصيد: المائل العنق.
(٢) من أشب الشجر كفرح: أى التف.
(٣) أى أذل.

<<  <  ج: ص:  >  >>