للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٢ - رد زياد على الحسن]

فغضب زياد إذ قدّم نفسه عليه ولم ينسبه إلى أبى سفيان، وكتب إليه:

«من زياد بن أبى سفيان إلى الحسن بن فاطمة، أما بعد: فقد أتانى كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلى وأنت طالب حاجة، وأنا سلطان وأنت سوقة (١)، وتأمرنى فيه بأمر المطاع المسلّط على رعيته، كتبت إلىّ فى فاسق آويته إقامة منك على سوء الرأى، ورضا منك بذلك، وأيم الله لا تسبقنى به ولو كان بين جلدك ولحمك، وإن نلت بعضك غير رفيق بك، ولا مرع عليك، فإنّ أحبّ لحم علىّ أن آكله للّحم الذى أنت منه، فسلّمه بجريرته (٢) إلى من هو أولى به منك، فإن عفوت عنه لم أكن شفّعتك، وإن قتلته لم أقتله إلا لحبّه أباك الفاسق، والسلام (٣)».

[٣٣ - رد الحسن على زياد]

فلما ورد الكتاب على الحسن عليه السلام قرأه وتبسم، وكتب بذلك إلى معاوية، وجعل كتاب زياد عطفه (٤)، وبعث به إلى الشأم، وكتب جواب كتابه كلمتين لا ثالثة لهما:

«من الحسن بن فاطمة إلى زياد بن سميّة، أما بعد: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الولد للفراش، وللعاهر الحجر (٥)، والسلام».


(١) السوقة: الرعية، للواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وربما جمع على سوق بفتح الواو.
(٢) الجريرة: الذنب.
(٣) وفى رواية أخرى. «أما بعد فإنك كتبت إلى فى فاسق لا يؤويه إلا الفساق من شيعتك وشيعة أبيك، وايم الله لأطلبنه ولو بين جلدك ولحمك فإنى أحب أن آكل لحما أنت منه».
(٤) أى جانبه، وعطفا كل شىء: جانباه.
(٥) العاهر: الزانى. والمعنى أن الزانى لا حق له فى النسب ولا حظ له فى الولد، وإنما هو لصاحب الفراش أى لصاحب أم الولد وهو زوجها أو مولاها، وهو كقوله الآخر: له التراب أى لا شىء له، أراد الحسن عليه السلام بذلك أن يبين لزياد أن استلحاق معاوية إياه مخالف لما تقضى به الشريعة، وأنه يجب أن يدعى لعبيد لا لأبى سفيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>