للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدع اللجاج والعبث (١) جانبا، وادفع إلينا قتلة عثمان، وأعد الأمر شورى بين المسلمين، ليتفقّوا على من هو لله رضا، فلا بيعة لك فى أعناقنا، ولا طاعة لك علينا، ولا عتبى (٢) لك عندنا، وليس لك ولأصحابك عندى إلا السيف، والذى لا إله إلا هو لأطلبنّ قتلة عثمان أين كانوا وحيث كانوا حتى أقتلهم، أو تلحق روحى بالله.

فأمّا ما لا تزال تمنّ به من سابقتك وجهادك، فإنى وجدت الله سبحانه يقول:

«يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» ولو نظرت فى حال نفسك لو جدتها أشد الأنفس امتنانا على الله بعملها، وإذا كان الامتنان على السائل يبطل أجر الصدقة، فالامتنان على الله يبطل أجر الجهاد، ويجعله كصفوان (٣) عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شئ ممّا كسبوا والله لا يهدى القوم الكافرين».

(شرح ابن أبى الحديد م ٣: ص ٤٤٨)

(شرح ابن أبى الحديد م ٣: ص ٤٤٨)

٤٢٦ - رد علىّ على معاوية

فكتب إليه علىّ:

«أما بعد: فقد أتانى كتابك تذكر فيه اصطفاء الله محمدا صلى الله عليه وآله لدينه وتأييده إياه بمن أيّده به من أصحابه، فلقد خبّأ لنا الدهر منك عجبا، إذ طفقت تخبرنا ببلاء (٤) الله عندنا، ونعمته علينا فى نبيّنا، فكنت فى ذلك كناقل التّمر إلى هجر (٥)، أو داعى مسدّده إلى النّضال، وزعمت أن أفضل الناس فى الإسلام


(١) ربما كان والعنت.
(٢) العتبى: الرضا.
(٣) الصفوان واحدته صفوانة، وهى الحجر الصلب الضخم.
(٤) أى إنعامه وإحسانه.
(٥) هجر: قاعدة البحرين وهى كثيرة النخل فهى معدن التمر، وفى الأمثال «كمستبضع التمر إلى هبعر» ويقال أيضا «كمستبضع التمر إلى خيبر» قال النابغة الجعدى:
وإن امرأ أهدى إليك قصيدة ... كمستبضع تمرا إلى أرض خيبرا
ومسدده: أى معلمه الرمى وموفقه للسداد، وفى صبح الأعشى ونهاية الأرب «أو داعى مدره» والمدره كمنبر: المقدم فى اللسان واليد عند الخصومة والقتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>