للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتوقّع الفرصة فأثب وثبة الفهد أبصر غفلة مقتنصه، ولولا مخافة عطب البريد وضياع الكتب، لشرحت لكما من الأمر ما لا تفزعان معه إلى أن يحدث الأمر، فجدّا فى طلب ما أنتما وليّاه، وعلى ذلك فليكن العمل إن شاء الله، وكتب فى آخره:

وما بلغت عثمان حتى تخطّمت ... رجال ودانت للصّغار رجال (١)

لقد رجعت عودا على بدء كونها ... وإن لم تجدّا فالمصير زوال

سيبدى مكنون الضمائر قولهم ... ويظهر منهم بعد ذاك فعال

فإن تقعدا لا تطلبا ما ورثتما ... فليس لنا طول الحياة مقال

نعيش بدار الذّل فى كل بلدة ... وتظهر منا كأبة وهزال (٢)

[٣٢٨ - كتاب مروان بن الحكم إلى معاوية]

فلما ورد الكتاب على معاوية أذّن فى الناس: الصلاة جامعة، ثم خطبهم خطبة المستنصر المستصرخ، وفى أثناء ذلك ورد عليه قبل أن يكتب الجواب كتاب مروان بقتل عثمان، وكانت نسخته:

«وهب الله لك- أبا عبد الرحمن (٣) - قوّة العزم، وصلاح النية، ومنّ عليك بمعرفة الحقّ واتّباعه، فإنى كتبت إليك هذا الكتاب بعد قتل عثمان أمير المؤمنين، وأىّ قتلة قتل؟ نحر كما ينحر البعير الكبير عند اليأس من أن ينوء (٤) بالحمل،


(١) خطمه بالخطام وخطمه به: جعله على أنفه، أوجر أنفه ليضع عليه الخطام، وخطمه بالكلام:
قهره ومنعه حتى لا ينبس ولا يحير (والخطام بالكسر: الزمام).
(٢) الكأبة والكآبة: الغم وسوء الحال الانكسار من حزن.
(٣) كان معاوية يكنى أبا عبد الرحمن باسم ابنه عبد الرحمن الذى ولد له من زوجته فاختة بنت قرظة ابن عمرو بن نوفل بن عبد مناف، وقد مات عبد الرحمن صغيرا.
(٤) ناء بالحمل: نهض مثقلا، ونقب الخف كفرح: رق وتخرق، وصفحة كل شى: جانبه، والمراحل جمع مرحلة: هى المسافة التى يقطعها المسافر فى نحو يوم، وطى المراحل: قطعها، والهجير والهاجرة: نصف النهار عند زوال الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>