للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحدّث إسماعيل أنه لما قرأ أمير المؤمنين الكتاب، قال: يا كاتب أفرخ روع (١) أبى محمد، فكتب إليه بالرضا عنه.

(العقد الفريد ٣: ١٤، وصبح الأعشى ٦: ٣٨٩ و ٤٧٨، وغرر الخصائص الواضحة ص ٧٣)

[رواية أخرى لكتاب عبد الملك]

وروى أن الحجاج قال لأنس بن مالك حين دخل عليه فى شأن ابنه عبد الله- وكان خرج مع ابن الأشعث-: لا مرحبا بك ولا أهلا، لعنة الله عليك من شيخ جوّال فى الفتنة- مرّة مع أبى تراب (٢)، ومرة مع ابن الأشعث، والله لأقلعنّك قلع الصّمغة (٣)، ولأجزرنّك جزر الهرب (٤)، ولأعصبنّك عصب السّلمة (٥)، ولأجردّنّك تجريد الضّبّ (٦)». قال أنس: من يعنى الأمير، أبقاه الله؟ قال:

إياك أعنى، أصمّ الله صداك (٧).

قال: فكتب أنس بذلك إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك إلى الحجاج:

«بسم الله الرحمن الرحيم، يا بن المستفرمة بعجم الزّبيب، والله لقد هممت أن أركلك (٨) برجلى ركلة تهوى بها فى نار جهنم، وأضغمك (٩) ضغمة كبعض ضغمات


(١) الروع: القلب أو موضع الفزع منه، وأفرخ روعه: أى هدأ قلبه وسكنه وأمنه.
(٢) كنية الإمام على كرم الله وجهه.
(٣) قال الجاحظ فى موضع آخر (ج ١: ص ٢٠٠): لأن الصمغة اليابسة إذا فرقت عن الشجرة انقلعت انقلاع الجلبة» (والجلبة بالضم: القشرة تعلو الجرح عند البرء).
(٤) الهرب بالضم: ثرب البطن بالفتح، وهو شحم رقيق يغشى الكرش والأمعاء.
(٥) السلمة: واحدة السلم، وهو شجر كثير الشوك قال الجاحظ أيضا (ج ٣: ص ٢١): «وذلك لأن الأشجار تعصب أغصانها ثم تخبط بالعصى لسقوط الورق وهشيم العيدان».
(٦) قال صاحب اللسان فى مادة جرد: «أى لأسلخنك سلخ الضب، لأنه إذا شوى جرد من جلده، ويروى: لأجردنك بتخفيف الراء وضمها».
(٧) أصم الله صداه: أى أهلكه، الصدى: الصوت الذى يسمعه المصوت عقيب صياحه يرده عليه الجبل أو المكان المرتفع العالى، ثم استعير للهلاك، لأنه إنما يجاوب الحى، فإذا هلك الرجل صم صداه كأنه لا يسمع شيئا فيجيب عنه.
(٨) ركله: ضربه برجله.
(٩) ضغمه كمنع عضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>