للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيشكم، ويصفح أمير المؤمنين عن جريرة (١) جارمكم، وأخلى لكم ذروة سبوغ النّعمة عليكم، وإن مضيتم على غلوائكم (٢)، وسوّل لكم الأمل أسوأ أعمالكم، فأذنوا (٣) بحرب من الله ورسوله بعد نبذ (٤) المعذرة إليكم، وإقامة الحجة عليكم، ولئن شنت الغارات، وشبّ ضرام (٥) الحرب، ودارت رحاها على قطبها، وحسمت (٦) الصوارم أوصال حماتها، واستجرّت الغوالى (٧) من نهمها، ودعيت نزال (٨)، والتحم الأبطال، وكلحت (٩) الحرب عن أنيابها أشداقها، وألقت للتجرّد عنها قناعها، واختلفت أعناق الخيل، وزحف أهل النجدة إلى أهل البغى، لتعلمنّ أىّ الفريقين أسمح بالموت نفسا، وأشدّ عند اللقاء بطشا، ولات حين معذرة، ولا قبول فدية، وقد أعذر من أنذر، وسيعلم الّذين ظلموا أىّ منقلب ينقلبون».

(تاريخ الطبرى ١١: ١٤٩)

[١٨٦ - رد الأتراك على كتاب ابن طاهر]

فبلغ كتاب محمد بن عبد الله الأتراك فكتبوا جواب كتابه:

«إنّ شخص الباطل تصوّر لك فى صورة الحق، فتخيّل لك الغىّ رشدا،


(١) الجريرة: الذنب، وجرم كضرب وأجرم: أذنب، وسبوغ النعمة: اتساعها.
(٢) الغلواء: الغلو.
(٣) أى كونوا على علم بها، من أذن بالشىء كسمع: علم به.
(٤) أى تقديم، وأصل النبذ: الطرح.
(٥) شب: أوقد، والضرام: دقاق الحطب الذى يسرع اشتعال النار فيه.
(٦) حسمت: قطعت.
(٧) العوالى: جمع عالية: وهى أعلى الرمح، والجرة بالكسر: ما يفيض به البعير من بطنه فيأكله ثانية، وقد اجتر وأجر، ولم يرد فى كتب اللغة استجر بهذا المعنى.
(٨) نزال: معدول عن المنازلة فى الحرب، ولذا أنث، قال الشاعر:
ولنعم حشو الدرع أنت إذا ... دعيت نزال ولج فى الذعر
وقال آخر:
* فدعوا نزال فكنت أول نازل*
(٩) الكلوح: بدو الأسنان عند العبوس، وفعله كمنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>