للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمل اليوم لغد، فتتداكّ (١) عليك الأعمال فتضيع، وإياك واتّباع الهوى، فإن للناس أهواء متّبعة، ودنيا مؤثرة، وضغائن محمولة، وحاسب نفسك فى الرّخاء قبل حساب الشدة فإنه من حاسب نفسه فى الرّخا، قبل حساب الشدة كان مرجعه إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه، عاد أمره إلى الندامة والحسرة، إنه لا يقيم أمر الله فى الناس إلا حصيف (٢) العقدة، بعيد القرارة (٣)، لا يحنق على جرّة (٤)، ولا يطّلع الناس منه على عورة، ولا يخاف فى الحقّ لومة لائم.

الزم أربع خصال يسلم لك دينك، وتحظ بأفضل حظّك: إذا حضر الخصمان فعليك بالبينات العدول، أو الأيمان القاطعة، ثم أذن للضعيف حتى ينبسط لسانه ويجترئ قلبه، وتعاهد الغريب فإنه إذا طال حبسه ترك حاجته وانصرف إلى أهله، واحرص على الصلح ما لم يبن لك القضاء (٥)».

(شرح ابن أبى الحديد م: ٣ ص ١١٩)

[٢١٣ - كتاب عمر إلى أبى موسى]

وكتب عمر إلى أبى موسى:

«إنه لم يزل للناس وجوه (٦) يرفعون حوائجهم، فأكرم من قبلك من وجوه الناس، وبحسب المسلم الضعيف من العدل أن ينصف فى الحكم وفى القسم».

(تاريخ الطبرى ٥: ١٨)


(١) أى تزدحم، من تداك الناس عليه إذا ازحموا.
(٢) حصف ككرم: استحكم عقله فهو حصيف، وأحصف الحبل: أحكم قتله.
(٣) فى الأصل «القرة» وأراه محرفا عن القرارة، والقرارة والقرار: ما قر فيه الماء، كنى بذلك عن حصافة عقله وبعد نظره.
(٤) أحنق: حقد حقدا لا ينحل. والجرة: ما يفيض به البعير فيأكله ثانية، والمراد أنه لا يضمر الحقد والحنق.
(٥) انظر ص ١٨٦.
(٦) سادة وكبراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>