للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما رأينا من المطر، وابلا جودا (١) لا يفتر غزيره، ولا يرعوى جوده، إلا إلى ديمة (٢) عن ديمة، يتراخى إليها يسيرا ريثما تعود، فأقامت علينا سماؤه مستهلة (٣) بذلك وكذلك، إلى غروب الشمس، ثم انقطع مطرها بسكون من الريح، وفتور من القرّ (٤)، وفضل من الله عظيم ينشر به رحمته، ويبسط به رزقه، فأسبغ النعمة، وأوسع البركة، وأوثق (٥) بحمد الله معارف الخصب والحمى، والله محمود على آلائه (٦)، ومشكور على بلائه، وما أنزل الله من سقياه ورحمته بعد الذى أقبلت به السّنة البرّيّة (٧) والقحط وعدم الإمطار، وشدة ما بلغ الناس من القنوط وسوء الظنون».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٢: ٢٦٣)

[٨٨ - تعزية له]

«من كان من نعمة الله، والعلم بالله، على مثل الذى حبيت به، اقتصر برأيه وصحة فهمه على ما يعود عليه فى العاجل والآجل، وبلغنى وفاة فلان، فأعظم لله بها فى المصائب مصيبة، وأجلل بها فى الأحداث نائبة، نوّر الله له فى قبره، وعزم لك على الصبر، وبارك لنا ولك فى الذى تئول إليه العواقب».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٠٨)

[٨٩ - تعزية له]

«أما بعد، فإن من صحب الدنيا لم يخل من تصرّف أحوالها، وكثرة معاريض فجائعها، فى اخترام (٨) الأنفس فى خواصّها، ومواقع البلايا بين ذلك فيما يهدّها، ويعرو


(١) الوابل: المطر الشديد الضخم القطر، والجود: المطر الغزير أو ما لا مطر فوقه.
(٢) الديمة: مطر يدوم فى سكون بلا رعد وبرق.
(٣) استهل المطر: اشتد انصبابه.
(٤) القر مثلثة: البرد.
(٥) فى الأصل «وأوبق» وأراه مصحفا، والصواب «وأوثق» أى جعلها وثيقة، وأرض وثيقة: كثيرة العشب موثوق بها.
(٦) الآلاء: النعم، والبلاء: النعمة أيضا.
(٧) البرية: الصحراء، ونسب السنة إليها تشبيها بها فى الجدب والقحط.
(٨) اخترمته المنية: أخذته.

<<  <  ج: ص:  >  >>