للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٠٥ - رد علىّ على معاوية

فأجابه علىّ:

«أما بعد، فقدّر الأمور تقدير من ينظر لنفسه دون جنده، ولا يشتغل بالهزل من قوله، فلعمرى لئن كانت قوّتى بأهل العراق أوثق عندى من قوتى بالله ومعونتى به ليس (١) عند من كان على هذا بالله تعالى يقين، فناج نفسك مناجاة من يستغنى بالجدّ دون الهزل، فإن فى القول سعة، ولن يعذر مثلك فيما طمح إليه الرجال.

وأما ما ذكرت من أنا كنا وإياكم يدا جامعة، فكنا كما ذكرت، ففرّق بيننا وبينكم أن الله بعث رسوله منا فآمنّا به وكفرتم، ثم زعمت أنى قتلت طلحة والزبير، فذلك أمر غبت عنه ولم تحضره، ولو حضرته لعلمته، فلا عليك، ولا العذر فيه إليك، وزعمت أنك زائرى فى المهاجرين، وقد انقطمت الهجرة حين أسر أخوك (٢)، فإن كان فيك عجل فاستبقه، وإن أزرك فجدير أن يكون الله بعثنى عليك للنّقمة منك، والسلام».

(الإمامة والسياسة ١: ٦٢)

وروى هذان الكتابان بصورة أخرى، وهاكها:


(١) جملة ليس جواب القسم، وبالله متعلق بيقين، وفى الأصل: «ليس عند الله تعالى يقين من كان على هذا» وهى عبارة مضطربة، وقد أصلحتها كما ترى.
(٢) فى الأصل «أبوك» وهو تحريف، يعنى أخاه يزيد بن أبى سفيان، أسر يوم فتح مكة فى باب الخندمة، وكان خرج فى نفر من قريش يحاربون ويمنعون المسلمين من دخول مكة، فقتل منهم قوم وأسر يزيد، أسره خالد بن الوليد، فخلصه أبو سفيان منه وأذخله داره فأمن، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، والمعنى: ليس معك مهاجر، لأن أكثر من معك ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أبناء الطلقاء ومن أسلم بعد الفتح، وقد قال عليه الصلاة والسلام «لا هجرة بعد الفتح».

<<  <  ج: ص:  >  >>