للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن هرقل ملك الروم «بأنطاكية» وإنه قد جمع لكم من الجموع ما لم يجمع أحد كان قبله من آبائه لأحد من الأمم قبلكم، فكتب أبو عبيدة إلى أبى بكر رضى الله عنهما:

«بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله أبى بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبى عبيدة بن الجرّاح، سلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد: فإنا نسأل الله أن يعزّ الإسلام وأهله عزّا متينا، وأن يفتح لهم فتحا يسيرا، فإنه بلغنى أنّ هرقل ملك الروم نزل قرية من قرى الشأم تدعى «أنطاكية» وأنه بعث إلى أهل مملكته، فحشرهم إليه وأنهم نفروا إليه على الصّعب والذّلول، وقد رأيت أن أعلمك ذلك، فترى فيه رأيك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته». (فتوح الشام ص ٢٤)

[٩٨ - رد أبى بكر على أبى عبيدة]

فكتب إليه أبو بكر رضى الله عنه:

«بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فقد بلغنى كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه من أمر هرقل ملك الروم، فأمّا منزله «بأنطاكية» فهزيمة له ولأصحابه، وفتح من الله عليك وعلى المسلمين، وأمّا ما ذكرت من حشره لكم أهل مملكته، وجمعه لكم الجموع، فإن ذلك ما قد كنا وكنتم تعلمون أنه سيكون منهم، وما كان قوم ليدعوا سلطانهم، ولا يخرجوا من ملكهم، بغير قتال، وقد علمت- والحمد لله- أن قد غزاهم رجال كثير من المسلمين يحبّون الموت حبّ عدوهم الحياة، ويجزون (١) من الله فى قتالهم الأجر العظيم، ويحبّون الجهاد فى سبيل الله أشدّ من حبّهم أبكار نسائهم، وعقائل (٢) أموالهم، الرجل منهم عند الفتح خير من ألف رجل من


(١) فى الأصل: «ويجذبون» وهو تحريف وقد أصلحته كما ترى.
(٢) أى وخيارها: جمع عقيلة كسفينة، وهى من كل شئ أكرمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>