للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم، لو لم يكن لكعب من قديم حرمته، ما يغفر له عظيم جريرته (١)، لوجب أن لا تحرمه التّفيّؤ (٢) بظلّ عفوك الذى تأمله القلوب، ولا تعلق به الذنوب، وقد استشفع بى إليك فوثقت له منك بعفو لا يخالطه سخط، فحقّق أمله فىّ، وصدّق ثقتى فيك، تجد الشكر وافيا بالنعمة». (مفتاح الأفكار ص ١٩٤)

[٢٩٣ - رد الوليد على عروة]

فكتب إليه الوليد:

«قد شكرت رغبته إليك، وعفوت عنه لمعوّله عليك، وله عندى ما يحبّ.

فلا تقطع كتبك عنى فى أمثاله، وفى سائر أمورك».

[٢٩٤ - كتاب ملك الروم إلى الوليد ورد الفرزدق عليه]

ولما هدم الوليد كنيسة دمشق كتب إليه ملك الروم:

«إنك هدمت الكنيسة التى رأى أبوك تركها، فإن كان حقا، فقد خالفت أباك، وإن كان باطلا فقد أخطأ أبوك».

فلم يدر ما يجيبه به، فكتب إلى الكوفة والبصرة وسائر البلدان أن يجيبوه فلم يجبه أحد. فوثب الفرزدق، فقال أنا أبو فراس- أصلح الله الأمير- قد رأيت رأيا فإن يك حقا فخذه، وإن يك خطأ فمنّى، قال الله عز وجل: «وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ (٣) إِذْ نَفَشَتْ (٤) فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (٥)، فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ» فاستحسنه الوليد، وكتب به إلى ملك الروم فلم يجبه.

(تهذيب تاريخ ابن عساكر ١: ٢٠٢)


(١) الجريرة: الجريمة.
(٢) الفىء: ما كان شمسا فينسخه الظل، وتفيأ فيه: تظل.
(٣) أى فى الزرع، وقيل فى كرم تدلت عناقيده.
(٤) أى انفلتت إليه لين فرعته بلا راع.
(٥) حكم داود لصاحب الحرت برقاب الغنم، فقال سليمان: غير هذا أرفق بهما، فأمر بدفع الغنم إلى أهل الحرث فينتفعون بلبانها وصوفها ونسلها والحرث إلى أرباب الغنم يقومون عليه حتى يعود كما كان يترادان.

<<  <  ج: ص:  >  >>