للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصيبتك، والعباد على مقادير، فكلّ داخل فيها مكتوب الذى له وعليه، وكلّ خارج منها محفوظ ما قدّم وما تقدم إليه فى الدنيا، أعمال قدّرت لآجال، وآجال قدّرت لأعمال، وابتلاء قدر لجزاء، وجزاء أخّر لابتلاء، وكذا، والسلام.

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٢١)

[٨١ - رسالة عمارة بن حمزة فى على بن ماهان]

قال ابن طيفور: ومن الرسائل المفردات رسالة عمارة بن حمزة (١) فى على بن ماهان، فإنه يقال إنه لا مثل لها فى معناها وهى:

«أما بعد، فقد بلغ أمير المؤمنين كتابك فى ابن ماهان وخالد، ولم يرد أمير المؤمنين بكتابه إليك مشقّة عليك فيما وصف لك من الأمور، وصرّف لك من الموعظة، ولكنه أحبّ أن ينبّهك لرشدك، ويدلّك على حظّك، فيشدّ بذلك عقد ما خشيت وهيه (٢)، ويذلّل لك صعوبة ما خفت نفاره- ولم يكن يقع ذلك ليصل إليك، إلا ببعض الغلظة التى فيها لذع وتقبيض- ويأخذ بمراشد الأمور، ووثائق الحزم، ورغائب الحظ التى لا يصل إليها إلا بالكره دون الهوينى، وبما يمرّ على أهله ويغلظ، دون ما يحلو لى ويلين، وأخلق بما شقّ عليك من كتاب أمير المؤمنين أن يعقبك منه مسرّة، فإن خير الأمور خيرها عواقب.

وقد أصبح أمير المؤمنين واثقا بتمام عصمة الله عز وجل فى حالك التى يرجو أن لا يزيلك الله عنها سرّاء لا ضرّاء، ما دمت بحقها قائما، ولبعدها (٣) لازما، مع أن أمير المؤمنين ليس ذلك يخاف عليك، ولا فيه يتعهّدك، ولكنّ أمورا من فلتات الخطأ، وميل الهوى، وخشية الزّلل، لا يأمنها عليك ولا على نفسه ولا على الأقرب


(١) فى الأصل «إلى على بن ماهان» ولكن سياق الرسالة يدل على أنها كتبت عن الخليفة إلى أحد عماله فى شأن على بن ماهان، لا إليه، كما سترى.
(٢) الوهى: الشق فى الشىء.
(٣) البعد: المذهب: يقال: لا له بعد: أى مذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>