للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا بأس علينا فى شربه، ولعمرى إنّ فيما قرأت مما حرّم الله بأسا، وإن فى الأشربة التى أحلّ الله من العسل والسّويق (١) والنّبيذ من الزبيب والتمر لمندوحة (٢) عن الأشربة الحرام، غير أن كل ما كان من نبيذ العسل والتمر والزبيب فلا ينبذ إلا فى أسقية الأدم (٣) التى لازفت فيها، ولا يشرب منها ما يسكر، فإنه بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن شرب ما جعل فى الجرار والدّبّاء (٤) والظروف المزفّتة، وقال: «كل مسكر حرام»، فاستغنوا بما أحلّ لكم عما حرّم عليكم.

وقد أردت بالذى نهيت عنه من شرب الخمر، وما ضارع الخمر من الطّلاء، وما جعل فى الدّبّاء والجرار والظروف المزفتة وكل مسكر، اتخاذ (٥) الحجة عليكم، فمن يطع منكم فهو خير له، ومن يخالف إلى ما نهى عنه نعاقبه على العلانية، ويكفينا الله ما أسرّ، فإنه على كل شىء رقيب، ومن استخفى بذلك عنا، فإن الله أشد بأسا وأشد تنكيلا». (العقد الفريد ٣: ٣٣٧)

[صورة أخرى]

وجاء فى سيرة عمر بن عبد العزيز:

كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدىّ بن أرطاة وأهل البصرة:

«أما بعد، فإنه قد كان من الناس فى هذا الشراب أمر ساءت فيه رغبتهم،


- حتى ذهب ثلثاه، وبقى الثلث، فنظر إليه عمر وقال: لا أظن بهذا بأسا، ذهب حرامه وبقى حلاله ثم قال:
اشرب منه يا عمرو فلا بأس به، وقال: كأن هذا طلاء الإبل فسمى يومئذ بالطلاء، وكتب إلى عمار ابن ياسر كتابا يقول فيه «فمر من قبلك من المسلمين فليستعينوا به فى شرابهم» - انظر الجزء الأول ص ١٧٧.
(١) شراب يعمل من الحنطة والشعير.
(٢) المندوحة: السعة.
(٣) الأدم: الجلد.
(٤) جاء فى لسان العرب فى مادة «دبى».
«وفى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن الدباء والحنتم (كجعفر) والنقير (بالفتح) وهى أوعية كانوا ينتبذون فيها فكان النبيذ فيها يغلى سريعا ويسكر، فنهاهم عن الانتباذ فيها، ثم رخص صلى الله عليه وسلم فى الانتباذ فيها، بشرط أن يشربوا ما فيها وهو غير مسكر، وتحريم الانتباذ فى هذه الظروف كان فى صدر الإسلام، ثم نسخ وهو المذهب. وذهب مالك وأحمد إلى بقاء التحريم».
(٥) فى الأصل محل هذه الكلمة «المار» وهو تحريف وصوابها «اتخاذ» كما ورد فى رواية ابن الجوزى التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>