للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا ما سألتنى أن أكتب إليك برأيى فيما أنا فيه، فإنّ رأيى قتال المحلّين (١) حتى ألقى الله، لا يزيدنى كثرة الناس حولى عزّة، ولا تفرّقهم عنى وحشة، لأنى محقّ، والله مع المحقّ، وو الله ما أكره الموت على الحق، وما الخير كلّه إلا بعد الموت لمن كان محقّا.

وأمّا ما عرضته علىّ من مسيرك إلىّ ببنيك وبنى أبيك، فلا حاجة لى فى ذلك، فأقم راشدا محمودا، فو الله ما أحبّ أن تهلكوا معى إن هلكت، ولا تحسبنّ ان أبيك ولو أسلمه (٢) الزمان والناس متضرّعا متخشّعا، ولا مقرّا للضّيم واهنا، ولا سلس الزّمام للقائد، ولا وطئ الظّهر للراكب المقتعد، ولكنه كما قال أخو بنى سليم:

فإن تسألينى كيف أنت، فإننى ... صبور على ريب الزمان صليب (٣)

يعزّ علىّ أن ترى بى كآبة ... فيشمت عاد أو يساء حبيب

والسلام».

(الأغانى ١٥: ٤٤، وشرح ابن أبى الحديد م ١: ص ١٥٥)، ونهج البلاغة ٢: ٤٣، والإمامة والسياسة ١: ٤٤)

[٥٤٧ - كتاب صعصعة بن صوحان إلى عقيل بن أبى طالب]

ثم غاضب عقيل أخاه ففارقه ولحق بمعاوية (٤)، وقد قال له معاوية يوما: ميّز لى


(١) انظر ص ٤٠٣.
(٢) أسلمه: خذله، واهنا: ضعيفا، وسلس: أى لين سهل الانقياد، وطئ الظهر: أى لينه
(٣) الصليب: الشديد، والشعر ينسب إلى العباس بن مرداس السلمى.
(٤) روى أن عقيلا لزمه دين فقدم على على الكوفة، فأنزله وأمر ابنه الحسن فكساه، فلما أمسى دعا بعشائه فإذا خبز وملح وبقل، فقال عقيل: ما هو إلا ما أرى؟ قال: لا، قال: فتقضى دينى؟
قال: وكم دينك؟ قال: أربعون ألفا، قال: ما هى عندى، ولكن اصبر حتى يخرج عطائى فإنه أربعة آلاف، فأدفعه إليك، فقال: بيوت المال بيدك، وأنت تسوفنى بعطائك؟ قال: أتأمرنى أن أدفع إليك أموال المسلمين وقد ائتمنونى عليها؟ قال: فإنى آت معاوية، فأذن له، فأتى معاوية فأكرمه وقربه وقضى حوائجه وأدى عنه دينه، وكان معاوية زوج خالته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة- انظر أسد الغابة ج ٣:
ص ٤٢٣ والفخرى لابن طباطبا ص ٧٦ والعقد الفريد ٢: ١٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>