وذكروا أنه لما أبطأ على عمر بن الخطاب فتح مصر (يعنى الإسكندرية) كتب إلى عمرو بن العاص.
«أما بعد: فقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر، إنكم تقاتلونهم منذ سنتين، وما ذاك إلا لما أحدثتم وأحببتم من الدنيا ما أحبّ عدوكم، وإن الله تبارك وتعالى لا ينصر قوما إلا بصدق نياتهم، وقد كنت وجّهت إليك أربعة نفر. وأعلمتك أن الرجل منهم مقام ألف رجل على ما كنت أعرف، إلا أن يكون غيّرهم ما غيّرهم، فإذا أتاك كتابى فاخطب الناس، وحضّهم على قتال عدوهم ورغّبهم فى الصبر والنية، وقدّم أولئك الأربعة فى صدور الناس، ومر الناس جميعا أن يكون لهم صدمة كصدمة رجل واحد، وليكن ذلك عند الزّوال يوم الجمعة، فإنها ساعة تنزل الرحمة فيها، ووقت الإجابة، وليعجّ (١) الناس إلى الله، ويسألوه النصر على عدوهم».
فلما أتى عمرا الكتاب جمع الناس وقرأ عليهم كتاب عمر، ثم دعا أولئك النفر فقدّمهم أمام الناس، وأمر الناس أن يتطهروا ويصلوا ركعتين ثم يرغبوا إلى الله تعالى، ويسألوه النصر على عدوهم، ففعلوا، ففتح الله عليهم.
(حسن المحاضرة ١: ٥٣، وخطط المقريزى ١: ١٦٥)
[١٦٦ - كتاب عمر إلى عمرو بن العاص]
وأرسل صاحب الإسكندرية إلى عمرو بن العاص: إن أحببت أن أعطيك الجزية على أن تردّ علىّ ما أصبتم من سبايا أرضى فعلت، فبعث إليه عمرو: إنّ ورائى أميرا لا أستطيع أن أصنع أمرا دونه، فإن شئت أن أمسك عنك وتمسك عنى حتى أكتب إليه بالذى عرضت علىّ، فإن هو قبل ذلك منك قبلت، وإن أمرنى بغير ذلك مضيت لأمره، فقال: نعم، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب فى ذلك، فجاءه كتاب عمر، وفيه: